الثلاثاء، 17 أغسطس 2021

موسوعة المؤرخين (110)

 

موسوعة المؤرخين (110)


عمر فروخ وجهوده في خدمة التاريخ الإسلامي (13)

- عمر فروخ ورد الأساطير والخرافات التاريخية:
- إحراق طارق بن زياد السفن:

لم يكن عمر فروخ رحمه الله يأخذ بالروايات التاريخيَّة لشيوعها؛ بل
كان يأخذ بها لصحَّتها، فردَّ ما بطل منها وإن ترسَّخ في الأذهان على أنَّها
حقائق، من ذلك: إحراق طارق بن زياد السفن التي جاء بها إلى الأندلس،
وخطبته المشهورة. فيذكر أنَّه لا يُمكن أن يكون طارق قد أحرق السفن؛
لأنَّ هذه السفن كانت ليوليان، ولأنَّ الحاجة إليها كانت شديدة للتردُّد بين
الشاطئين؛ فإنَّ سبعة آلاف رجلٍ مع سلاحهم وأعتادهم لا يُمكن أن ينتقلوا
مرَّةً واحدةً في أربع سفن، ثم إنَّ موسى بن نصير كان في هذه الأثناء
يُنشئ سفنًا جديدة، فليس من المعقول أن يحرق طارق السفن المبنيَّة،
ولو أنَّ طارقًا أحرق تلك السفن لكان في عمله ذلك غفلةً عسكريةً تمنعه
من الانسحاب فيما لو اضطرَّ إليه.

أمَّا الخطبة المشهورة التي تُنسب إلى طارق ومطلعها: "أيُّها الناس،
البحر من ورائكم والعدوُّ من أمامكم، وليس لكم -والله- إلَّا الصدق والصبر
...". فينفي أن تكون له، ويُعلِّل هذا بأنَّ طارق بن زياد بربري الأصل،
دخل في الإسلام وفي ولاء موسى بن نصير، ولمـَّا جاز طارق برجاله
إلى الأندلس للفتح لم يكن قد مرَّ على إسلامه وتعلُّمه اللغة العربية
إلَّا خمس سنوات، فلا يعقل أن تبلغ مقدرة طارق في اللغة العربية
والبلاغة إلى الحدِّ الذي يبدو في الخطبة، ثم إنَّ في الخطبة صناعةٌ
هي أقرب إلى ما عُرف في العصر العباسي، ولم تُذكر
إلَّا في المراجع المتأخِّرة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق