الجمعة، 25 مارس 2022

أعيذك يا قلب

أعيذك يا قلب..


أُعيذك بربِّ الناس والفلق والإخلاص من أن تمرَّ على الذكر الحكيم دون قلبٍ نابض وعقل واعٍ، وفكر حاضرٍ، وفؤاد متدبِّر.
أعيذك من أن يتمزَّق شغاف قلبك من ضربة قهرٍ وطول سفرٍ وقِصَر نظرٍ، وطول سهرٍ، وأنت تقرأ: ﴿ اللَّهُ الصَّمَدُ ﴾ [الإخلاص: 2]، ثم لا تصمد إليه، ولا تنطرح بين يديه، ولا تتَّكل عليه، ولا ترفع حاجتك إليه، ولا تشكو وتتململ بين يديه، تستعد لتشكو حاجتك ساعاتٍ بأكملها لمخلوق مثلك، وتتباطأ من أن تُظهر له في لحظات السحر مسغبتك التي حطَّمت فِقار ظهرك، وأنينك المنطوي في خلجات صدرك، وما يَخفى مِن عظيمِ أمرك.
الصمد يا صاحبي هو مَن يقضي الحاجات ويجمع الشتات، ويمحو السيئات، ويرفع الدرجات، ويُبهج النفوس المطمئنات، ويشفي غليل النفوس العليلات، ويرسل غيث رحمته صيِّبًا نافعًا على المشاعر الراضيات، ويكحل بنعيم الشوق وبرد القرب العيونَ الساهرات.
أعيذك من أن تقرأ كتب التاريخ وتنسى: ﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 4]، تَنبهر بالمعمار، وتثني على العظماء وتمدح الكبار، وتنسى سطرين تعادل ثلث القرآن.
تقرأ الكتب الكبار والمطولات، والجرائد والمجلات، والأسفار والمجلدات، وتسهر على النقاط بين ثنايا السطور، وتقرأ للقصاص، وتُعرض عن الدر المنثور في سورة الإخلاص.
تطالع عجائب الدنيا وتُهرَع إلى كلِّ خبر جديد، وتُعلق على كل حدث نزل، وبين يديك ما هو أغلى وأحلى وأجمل من صفائح الذهب المسبوك، وتيجان الدر المحبوك، ألا وهي صفات ملك الملوك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق