الثلاثاء، 8 نوفمبر 2022

ايمانيات 5

ايمانيات 5



فلما استحكمت حلقاتها فرجت
التفكر ينبغي أن يكون ابتداء في حكمة الله سبحانه في ابتلاء المؤمنين , وأنه سبحانه جعل ابتلاءهم سنة كونية ,
وأمرهم بالصبر فيه و وجعل ذلك الابتلاء ممحصا ومميزا للناس و فلو تفكرنا في ذلك لهان علينا جزء كبير من الهموم
والأحزان عندما نعلم أنها سنة الله سبحانه في خلقه " ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين "
كذلك التفكر والاتعاظ بمن ضاقت بهم السبل واستحكمت حلقاتها أمامهم ولم ييأسوا وثبتوا وتحدوا كل الصعاب حتى نجوا
ومرت بهم الصعاب ومنهم نتعظ ونعتبر . يقول الله تعالى " لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب , ما كان حديثا يفترى
ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون "و فمن الأنبياء نأخذ عبرتنا بالصمود والثبات ,
ولا نعرف قصصهم لمجرد المعرفة , فهذا ابراهيم عليه السلام الذي لجأ إلى الله تعالى , بينما حلقة الضيق تشتد لحظة سقوطه في النار ,
لكنها فرجت عليه عندما أمر الله تعالى النار أن تكون بردا وسلاما عليه
وهذا أيوب عليه السلام الذي وصل ذروة العناء بمرضه , ولكنه عندما لجأ لربه ودعاه فقال ( رب إني مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين) ,
فاستجاب له ربه بعد أن وجد منه الاخلاص والصبر والثبات , ففرج عنه ضيقه .
وهذا يونس الذي وجد نفسه في ظلمة بطن الحوت , غير ظلمة البحر وظلمة الليل , ظلمات داخل ظلمات ,
فلما استحكمت عليه حلقة الأزمة ظلاما وسوادا وكربا ولجأ إلى ربه ودعاه " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين "
فرج عنه ربه ذلك الضيق ووجد نفسه فجأة على الشاطئ ..
هذه من معجزات الله سبحانه الذي يجعل دائما الصعب الشديد سهلا ,
ويجعل ذروة الأحزان والهموم أفراحا وفرجا .
وهذه أم موسى التي ضاقت بها السبل , واستحكمت عليها حلقة الكرب , وأحاط بها جند فرعون ليذبحوا وليدها ,
فألقت بولدها في اليم , فخرجت من نار ومرارة وحيرة إلى نار أشد توهجا وخوفا ورعبا عليه ,
لكن الله تعالى ثبتها ومكن لها ولصغيرها وفرجت حلقة الضيق بعد أن استحكمت عليها .
وهذا يوسف الذي وجد الظلم والاضطهاد من أقرب الأقربين , لكن بصبره وقوة إيمانه بربه نصره الله تعالى عليهم ,
وجعله عزيز مصر, وتحققت رؤيته , عندما رآهم ساجدين أمامه بعد غيابات الجب وظلامه وسواده ووحدته ووحشته
وبعد تهم النساء له ثم سجنه وظلمه , وبعدما استحكمت عليه حلقة الكرب وبلغت ذروتها , لكن انقلبت الأمور واختلفت الموازين بفضل الله رب العالمين .
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق