الأحد، 19 مايو 2024

القواعد العشر في العتاب بين الأحباب 3

 القواعد العشر في العتاب بين الأحباب 3

القاعدة السادسة: الرفق مذلل الصعاب، فالرفق زينة الأمور، وزينة الكلام،
وزينة الرجال، وزينة الإسلام كله، وقد حض عليه الرسول الكريم في عدة مواطن،
فقال- صلوات ربي وتسليماته عليه- :" إِنَّ اللهَ رَفيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ،
ويُعطي على الرِّفْقِ ما لا يُعْطي على العنفِ، وما لا يُعطي على مَا سِواهُ " ،
وقال : "إِنَّ الرِّفقَ لا يكونُ في شيء إِلا زَانَه، ولا يُنْزَعُ مِن شيء إِلا شانَه " ،
وقال " إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِين، فَأَوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقٍ " ويعطينا مثالاً عملياً راقياً،
في تطبيق النصيحة-برفق-مهما كان العمل مستفزِّاً ومُنفِّراً، فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-:
" أنَّ أعْرَابيّاً دخلَ المسجدَ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جَالِس،
فصلَّى ركعتين، ثم قال: اللَّهُمَّ ارْحمني ومحمداً ، ولا ترحمْ معنا أحداً،
فقال النبيّ-صلى الله عليه وسلم-: لقد تَحَجَّرْتَ وَاسِعاً ،
ثم لم يَلْبَثْ أن بالَ في ناحية المسجد، فأسْرَعَ إِليه النَّاسُ،
فنهاهم النبيُّ-صلى الله عليه وسلم-وقال: إِنما بُعِثْتُم مُيَسِّرِينَ،
ولم تُبْعَثُوا مُعسِّرِينَ، صُبُّوا عليه سَجْلاً من ماء، أو قال: ذَنُوباً من ماء
" ثم قال للإعرابي: " إِنَّ هذه المساجدَ لا تصلحُ لشيء من هذا البول والقَذَرِ؛
إِنما هي لِذِكْرِ الله، والصلاةِ، وقراءةِ القرآن " كلمات رقيقة-برفق- استولت على قلب الأعرابي،
وحققت المراد منها بكل يسر وسلاسة.

القاعدة السابعة: الإنصاف، وهو أعز خلق يتصف به الناس،
وقليل من الناس من يتخلق بهذا الخلق في شتى أحواله، ذلك أن كثيراً من الناس
قد يُنْصفون حال الرضا، فإذا حل الغضب، أو ضاق الأمر؛ نسوا الإنصاف،
واتشحت قلوبهم بسواد الخصومة، فحينما تعاتب، اذكر الجوانب الإيجابية؛
فإن هذا يُشعر المعاتَب بالإنصاف إن ذكرت محاسنه، ثم نوهت بسلبياته؛
فهذا يدعو إلى الطمأنينة لك، أنك منصف، وأن الهدف من عتابك له ليس تجريحه،
أو تقريعه، أو الاستعلاء عليه، بقدر ما هو حبك له، وحرصك عليه، وإرادة الخير له.
وهذا الإنصاف من معين النبوة الصافي: " نِعْمَ الرَّجُلُ عبدُ اللهِ، لو كان يُصَلِّي باللَّيْلِ"
هناك مديح، وهناك توجيه، وحديث آخر، عن أبي بكرة-رضي الله عنه-أنه
انتهى إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-وهو راكع، فركعَ قبل أن يصِلَ إلى الصفِّ،
فذكر ذلك للنبيِّ-صلى الله عليه وسلم-فقال: "زادَك الله حِرْصاً، ولا تعُدْ ".

إن أردت أن تعاتب، فابدأ بذكر الإيجابيات قبل السلبيات، عندها؛
تنفتح القلوب لقبول النصح والعتاب. والنفس البشرية الطاهرة البريئة
مثل نفس الطفل، التي لم تشبْها شائبة الغل، والحقد، وحب الذات،
حين تمدحه على عمل صغير؛ تراه يبذل لأن ينجز لك الجليل،
وانظر لذلك الذي طوّع السبع المفترس في باحات العروض؛
كيف روّضه وهو السَّبُع الذي لا يعقل ولا يفهم، كلُّ ذلك بمدح القليل والتشجيع عليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق