السبت، 20 أبريل 2013

اصنع المعروف لله ولا تنتظر المعروف من الذي تصنع معروفك اليه

أراد رجل طاعن في السن وهو على فراش الموت أن يعلم ابنه الحكمة
وكيف يصنع المعروف خالصاً لوجه الله تعالى ،
 فطلب من ابنه ألا يصنع معروفا مع أحد أبداً من الناس .

وبعد موت الرجل وبينما كان ابنه في رحلة صيد ممتطيا جواده وبجانبه
سلاحه، رأى نسرا مجروحا لا يتمكن من الطيران ،
أشفق الرجل على النسر فحمله من أجل مداواته في بيته،
وأصرّ على أن يطلقه بعد علاجه.

وفي اليوم الثاني وأثناء رحلة صيد له أيضاً داخل الغابة رأى رجلا
فاقدا للوعي مكبلا في جذع شجرة ؛ فأشفق عليه ومسح وجهه بالماء
وفك قيده، وبمجرد أن عاد إليه وعيه، حمله الرجل معه إلى بيته،
وجهز له مكانا خاصا واهتم به اهتماما كبيراً ،
 وقدم له كل ما يحتاجه من دواء وكساء وطعام وشراب وراحة .

وفي اليوم الثالث خرج أيضا للصيد فرأى ثعبانا مريضا ، فأشفق عليه وحمله
إلى بيته لعلاجه . بعد أن تماثل النسر للشفاء رفض أن يبتعد عن البيت ،
وفي يوم من الأيام دخل النسر وحط بجوار زوجة الرجل وفي منقاره عقدا جميلاً
من اللؤلؤ والماس والياقوت .

فرحت المرأة بالعقد فرحا كبيرا ، وهي التي طالما عانت من مرارة الفقر
وشظف العيش ، وكان الرجل المريض الذي كان في حالة إغماء في الغابة
 ينظر ويرقب ما حدث باهتمام كبير .

وبعد أن تماثل الرجل للشفاء غادر المكان بسلام وأمان . وفي الطريق سمع هذا
الرجل مناديا يقول : إن زوجة الملك قد فقدت عقدا لها ،
ومن يخبرنا عن مكانه فله مائة ليرة ذهبية ، سمع الرجل النداء وقال في نفسه :

مائة ليرة من الذهب !! ، وأنا رجل فقير لا املك من حطام الدنيا شيئا !! ،
 وذهب إلى قصر الملك فأخبره بأن العقد الذي تبحث عنه زوجته موجود
في بيت رجل صياد ، وهو الصياد الذي اعتنى به وصنع معه معروفا وآواه
وعالجه وأكرمه.

ذهب رجال شرطة الملك إلى بيت ذلك الصياد الطيب واعتقلوه ،
واتهموه بالسرقة وأعادوا العقد إلى زوجة الملك ، ثم حكموا عليه بقطع رأسه

عرف الثعبان الذي عالجه الصياد الطيب في بيته بالقصة كاملة ،
فأراد أن يقدم لصاحبه خدمة لا ينساها العمر كله مقابل ما خدمه وأحسن إليه
عندما كان مريضا في الغابة . ذهب الثعبان إلى قصر الملك ،
ووصل حجرة بنت الملك والتف حولها ، وعندما رأت زوجة الملك هذا المشهد
المرعب خافت على بنتها فأخذت تصرخ ، وأسرعت لتخبر الملك ورجال القصر،
ولكن لم يتمكن احد من الاقتراب خشية على حياة بنت الملك .

احتار الجميع في الأمر ، وكان كل واحد منهم يفكر ويبحث عن مخرج لهذه
المصيبة التي حلت بالمملكة .
قال الوزير للملك : أليس عندنا في السجن رجلا متهماً بالسرقة ومحكوماً عليه
بقطع الرأس ؟ .
قال الملك : بلا .
قال الوزير نحضره إلى هنا فإما أن يموت من لدغ الثعبان وإما أن
ينجي بنت الملك من الثعبان لأنه في كل الأحوال محكوم عليه بالإعدام .
 أحضر الجنود الصياد ، ووقف بين يدي الملك ، فطلب منه الملك أن يدخل الغرفة
لينجي ابنته من الثعبان .

قال الصياد الطيب ، أرأيت يا ملك الزمان إن فعلت ذلك ،
 فبماذا تكافئني وماذا سيكون جزائي ؟ .

قال الملك : بالعفو وأمنحك العقد هدية لك دخل الرجل غرفة بنت الملك ،
وعندما رآه الثعبان أقبل إليه بهدوء وتسلق إلى كتفيه ،
فحمل الرجل الثعبان وسار به إلى بيته والعقد في جيبه آمنا مطمئنا وقال :
لقد حفظ الثعبان المعروف ، وحفظ النسر المعروف ،
أما الإنسان فلم يحفظ المعروف.
العبرة:
اصنع المعروف لله ولا تنتظر المعروف من الذي تصنع معروفك اليه ولاتتوقع
جزاء الاخرين اليك بمعروفك لإن معروفك لايضيع عند الله،
فإن الله الذي ينظر ويسمع ويعلم هو الذي خلق الإنسان، وأن عمل المعروف
مع الإنسان هو من أجل الله رب العالمين وليس من أجل مخلوق .
اصنع المعروف مع أهله ومع غير أهله، فإن لم تجد أهله فأنت أهله
فلا تنسى ان تصنع المعروف لله .

من زرع معروفا حصد خيرا

بات اصطناع المعروف حدثاً قلّ ما نسمع عنه، بسبب جحود من أُسدي إليهم
المعروف، ولأن بعض الناس قد تعلم على الأخذ فقط دون العطاء.
لكن المعروف لا يضيع أبداً عند الله وعند الناس..
فقد يضيع المعروف عند بعضهم، ولكنك ستجد أضعاف أضعاف هذا المعروف
عند غيرهم، لأن الله تعالى لا يضيع عمل عامل مهما كان هذا العمل صغيراً.
ونحن أمة الإسلام أمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر،
 لأننا خير أمة أخرجت للناس،
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

ومن الخطأ الشائع قولنا :

" اعمل المعروف وارمه في البحر"

 لأن الذي يُرمى في البحر يذهب ولا يعود،
بينما المعروف لا يذهب خيره أبداً، بل يعود إلينا أجراً من الله تعالى،
إذا كانت نيتنا خالصة لله.
ومن يقدم معروفاً سيشعر بسعادة بالغة، لا يعلمها إلا من قدم معروفاً.
ومن يقدم معروفاً يملك حب الناس واحترامهم له.
ومن يقدم معروفاً يكون قد عالج نفسه من بعض أمراض النفوس،
 كالبخل والحسد والحقد وغيرها، وحلّ مكان هذه الأمراض النفسية راحة
وطمأنينة وسعادة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق