سُئِلَ الإمام الفقيه / عبد العزيز بن عبد الله بن
باز -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-:
ما هي الأوقات التي تجاب فيها
الدعوات؟
فقالَ -رَحِمَهُ اللهُ
تَعَالَى-:
أوقات
الإجابة عديدة جاء في السُّنَّة بيانها، منها:
• ما بين
الأذان والإقامة،
فقد
قال عليه الصَّلاة والسَّلام:
( الدُّعاء لا يرد بين الأذان والإقامة
)
•
منها
جوف اللَّيل، وآخر اللَّيل، فاللَّيل فيه ساعة لا يرد فيها سائل،
أحراها جوف اللَّيل، وآخر اللَّيل، -الثُّلث الأخير-،
وقد ثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أنَّهُ قالَ:
( ينزل ربّنا إلى سماء الدُّنيا كلّ ليلةٍ حين يبقى
ثلث اللَّيل الآخر،
فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه،
من يستغفرني فأغفر له )
ينبغي للمؤمن والمؤمنة تحرِّي هذه الأوقات، والحرص
على الدَّعوة الطَّيبة
الجامعة في وسط اللَّيل، وفي آخر اللَّيل وفي أيّ
ساعة من اللَّيل،
لكن
الثُّلث الأخير وجوف اللَّيل أحرى بالإجابة مع سؤال الله بأسمائه
الحُسنى، وصفاته العُلى أنْ يجيب الدَّعوة، مع
الإلحاح وتكرار الدُّعاء.
فالإلحاح في ذلك، وحُسن الظَّن بالله، وعدم اليأس من
أعظم أسباب الإجابة،
فعلى المرء أنْ يلحَّ في الدُّعاء، ويحسن الظَّن
بالله عزَّ وجلَّ،
ويعلم
أنَّهُ حكيمٌ عليمٌ قد يعجل الإجابة لحكمة، وقد يؤخِّرها
لحكمة،
وقد
يُعطي السَّائل خيرًا ممَّا سأل،
كما ثبت عن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أنَّهُ قالَ:
( ما من مسلمٍ يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا
قطيعة رحم
إلاَّ أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إمَّا أنْ تعجل له
دعوته في الدُّنيا،
وإمَّا أنْ يدخرها له في الآخرة،
وإمَّا أنْ يصرف عنه من السُّوء مثلها،
قالوا: يا رسول الله ! إذًا
نُكثر؟
قالَ:
الله أكثر )
وعليه أن يرجو من ربه الإجابة، ويُكثر مِن توسله
بأسمائه
وصفاته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مع الحذر من الكسب
الحرام،
والحرص على الكسب الطَّيِّب؛ لأنَّ الكسب الخبيث من
أسباب حرمان الإجابة،
ولا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله.
• السُّجود تُرجى فيه الإجابة،
يقول عليه الصَّلاة
والسَّلام:
( أقرب
ما يكون العبد من ربه وهُو ساجد فأكثروا الدُّعاء ).
ويقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( فأمَّا الركوع فعظموا فيه الرَّب عَزَّ وَجَلَّ،
وأمَّا السُّجود فاجتهدوا في الدُّعاء فقمنٌ أنْ
يستجاب لكم )
أيْ:
حريٌ أنْ يستجاب لكم.
• حين
يجلس الإمام يوم الجمعة على المنبر للخُطبة إلى أنْ تقضي
الصَّلاة،
فهو محل إجابة.
• آخر كل
صلاة قبل السَّلام يشرع فيه الدُّعاء،
وهذا الوقت ترجى فيه الإجابة؛ لأن النَّبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لما علمهم التَّشهد قالَ:
( ثمَّ ليختر من الدُّعاء أعجبه إليه فيدعو به
)
• آخر
نهار الجمعة بعد العصر إلى غروب الشَّمس هو من أوقات الإجابة
في حق من جلس على طهارة ينتظر صلاة المغرب،
فينبغي الإكثار من الدُّعاء بين صلاة العصر إلى غروب
الشَّمس يوم الجمعة،
وأنْ
يكون جالسًا ينتظر الصَّلاة؛ لأنَّ المنتظر في حكم
المصلّي،
وقد
صحَّ عن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّهُ قال:
( في يوم الجمعة ساعة لا يسأل الله أحد فيها شيئا
وهو قائم يصلي إلا أعطاه الله إياه
)
وأشار
إلى أنَّها ساعة قليلة، فقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ:
( لا
يسأل الله فيها شيئًا وهو قائمٌ يصلِّي
)
قالَ
العُلماء: يعني: ينتظر الصَّلاة، فإنَّ المنتظر له حكم
المصلِّي؛
لأنَّ
وقت العصر ليس وقت صلاة.
فالحاصل: أنَّ المنتظر لصلاة المغرب في حكم المصلِّي،
فينبغي أنْ يكثر من الدُّعاء قبل غروب الشَّمس،
إن كان في المسجد ففي المسجد وإنْ كان امرأة أو
مريضًا في البيت شرع له
أنْ يفعل ذلك، وذلك بأنْ يتطهر وينتظر صلاة المغرب،
هذه الأوقات كلها أوقات إجابة ينبغي فيها تحري
الدُّعاء، والإكثار منه،
مع الإخلاص لله، والضّراعة، والانكسار بين يدي الله،
والافتقار بين يديه
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، والإكثار من الثَّناء
عليه.
وأنْ يبدأ الدُّعاء بحمد الله، والصَّلاة على
النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ،
فإنَّ
البداءة بالحمد لله، والثَّناء عليه،
والصَّلاة على النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ من أسباب الاستجابة،
كما
صحَّ بذلك الحديث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ
اهـ.
من برنامج: نورٌ على الدَّرب
شريط رقم: (12)
مجموع فتاوى ومقالات متنوّعة 9/352،
355
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق