الجمعة، 13 فبراير 2015

الموهبة الضائعة



كان هناك رجلًا أنيقًا للغاية، يشهد له الجميع بالذوق والرقيّ في التعامل
وذات يوم وقف ليشتري بعض الخضروات من المحل الموجود في واجهة
منزله، أعطته البائعة العجوز أغراضه وتناولت منه ورقة من فئة
العشرين دولارًا ووضعتها في كيس النقود.. لكنها لاحظت شيئًا
لقد طبعت على يدها المبللة بعض الحبر، وعندما أعادت النظر
إلى العشرين دولارًا التي تركها السيد الأنيق، وجدت أن يدها المبتلة
قد محت بعض تفاصيلها، فراودتها الشكوك في صحة هذه الورقة؛
لكن هل من المعقول أن يعطيها السيد المحترم نقودًا مزورة؟
هكذا قالت لنفسها في دهشة!
ولأن العشرين دولارًا ليست بالمبلغ الهين في ذاك الوقت؛ فقد أرادت
المرأة المرتبكة أن تتأكد من الأمر، فذهبت إلى الشرطة، التي لم تستطع
أن تتأكد من حقيقة الورقة المالية،
وقال أحدهم في دهشة: لو كانت مزيفة
فهذا الرجل يستحق جائزة لبراعته!!.
وبدافع الفضول الممزوج بالشعور بالمسئولية، قرروا استخراج تصريح
لتفتيش منزل الرجل. وفي مخبأ سري بالمنزل وجدوا بالفعل أدوات لتزوير
الأوراق المالية، وثلاث لوحات كان قد رسمها هو وذيّلها بتوقيعه.
المدهش في الأمر أن :
هذا الرجل كان فنانًا حقيقيًا، كان مبدعًا للغاية، وكان يرسم هذه النقود
بيده، ولولا هذا الموقف البسيط جدًا لما تمكن أحد من الشك فيه أبدًا.
والمثير أن قصة هذا الرجل لم تنتهِ عند هذا الحد!لقد قررت الشرطة
مصادرة اللوحات، وبيعها في مزاد علني، وفعلًا بيعت اللوحات الثلاث
بمبلغ 16000 دولار؛ حينها كاد الرجل أن يسقط مغشيًا عليه من الذهول،
إن رسم لوحة واحدة من هذه اللوحات يستغرق بالضبط نفس الوقت
الذي يستغرقه في رسم ورقة نقدية من فئة عشرين دولار!
لقد كان هذا الرجل موهوبًا بشكل يستحق الإشادة والإعجاب؛
لكنه أضاع موهبته هباء، واشترى الذي هو أدنى بالذي هو خير.
وحينما سأل القاضي الرجل عن جرمه
قال: إني أستحق ما يحدث لي؛
لأنني ببساطة سرقت نفسي، قبل أن أسرق أي شخص آخر!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق