السبت، 14 فبراير 2015

الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ


- عَنْ أَبِي هُرْيَرةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ ،
أَنَّ رَسُوْلَ الله- صلى الله عليه وسلم- قَاَل
( لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ )
متفق عليه.

شرح الحديث :
ﺣﻴﻦ ﺗﺴﻤﻮ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ الإﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺗﻜﺒﺮ ﺁﻣﺎﻟﻬﺎ، ﻭﺗﺼﺒﺢﺍﻟﺤﻴﺎﺓ عامرةً ﺑﺎﻟﺘﻘﻮﻯ
ﻭﺻﺎﻟﺢ الأﻋﻤﺎﻝ، ﺗﺘﻄﻠﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞﻭﺍﻟﻤﻜﺎﺭﻡ،ﻓﺘﺼﺒﺢ
ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓﻣﺤﺒﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲﻛﻤﺎ ﺗﺼﺒﺢ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ خلقًا أصيلًا ﻣﻦ ﺃﺧﻼﻗﻬﺎ
ﻭﺳﺠﻴﺔ ﻋﻈﻤﻰ ﻣﻦ ﺳﺠﺎﻳﺎﻫﺎ، ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻳﺮﺗﻔﻊ الإﻧﺴﺎﻥ ﻓﻮﻕﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ
ﻭﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ، ﻛﻤﺎ ﻳﻨﺄﻯ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻐﻮﻳﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻐﺮﻳﺎﺕ، ولا ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﻤﺎﺩﺓ
ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺳﺒﻴﻞ، ﻛﻴﻒ لا، ﻭﻗﺪ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﻤﺜﻞ العليا ﻫﻰ ﻫﻤﻪ ﻭﻏﺎﻳﺘﻪ،ﻭﺃﺻﺒﺢ
ﺣﺐ ﺍﻟﺨﻴﺮ غرضًا ﻟﻪ وهدفًا. ﻟﻘﺪ ﺑﻴﻦ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻨﺒﻲ - صلى الله عليه وسلم -
ﻓﻲ ﻗﺒﺲ ﻣﻦ ﻧﻮﺭ ﻧﺒﻮﺗﻪ - صلى الله عليه وسلم - كثيرًا ﻣﻦ ﺳﺒﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮ،
ﻭﺃﺭﺷﺪﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﻟﻌﺰ ﻭﺍﻟﻜﻤﺎﻝ، ومن يرضَ ﺑﻤﺎﻗﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ له يكن ﺃﻏﻨﻰ
ﺍﻟﻨﺎﺱ؛ ﺃي: يقنع بنصيبه ﺍﻟﺬي ﻗﺴﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ له ﻣﻦﺍﻟﺪﻧﻴﺎ يكن ﺃﻏﻨﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ،
ﻭفي ﻫﺬﺍ ﺑﻴﺎﻥ ﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻐﻨﻰ؛ ﺇﺫ ﻟﻴﺲ ﺍﻟﻐﻨﻰ ﻋﻦ ﻛﺜﺮﺓﺍﻟﻌﺮﺽ ﻣﻦ ﻣﺎﻝ
ﺃﻭ ﻋﻘﺎﺭ ﺃﻭ ﺍﺩﺧﺎﺭ ﻟﻠﺜﺮﻭﺍﺕ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻐﻨﻰ الحقيقي ﻫﻮ ﻏﻨﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲ؛
ﻛﻤﺎﺃﺧﺒﺮ النبي -صلى الله عليه وسلم - في الحديث:
( ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس )
وﺇﻥ ﻧﻌﻢ ﺍﻟﻠﻪ - ﺗﻌﺎﻟﻰ - ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺤﺼﻮﺭﺓ في ﺍﻟﻤﺎﻝﻭﻣﺎ ﺷﺎﺑﻬﻪ،
ﺑﻞ ﺇﻥ ﻫﻨﺎﻙ نعمًا ﺗﻔﻮﻕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ؛ ﻓﺎﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻭﺍﻟﻌﺎﻓﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺴﻼﻣﺔ،
ﻭالأﻣﻦ ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺔ، ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﻳﻔﻮﻕ ﻧﻌﻤﺔ ﺍﻟﻤﺎﻝ، والله أعلم.
درر :
مَن تذكر طاعة الوالدين، وحرّك الأقدام في برِّھما، وأصبح لايرُخي سمعه
لنقاشھما وأعمى عن مايراه من عیوبھما، فقد اعتلى درجات العبودية
بصمت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق