الثلاثاء، 8 مارس 2016

الاستشفاء بالصدقة

 
بقلم الدكتور صالح بن أحمد بن رضا
أستاذ الحديث النبوي وعلومه
 
ومن الأمور التي أعتاد المسلم أن يفعلها إذا مرض ، أو مرض أحد من أهله
 أن يتصدق على الفقراء والمساكين ، وذلك تقرباً إلى الله عز وجل
 ورغبة بما عند الله تعالى ، فإن الإنسان إذا تصدق لوجه الله تعالى ،
 فإن الله سبحانه يجيب دعوته ، ويزيل ما به من البلاء .
 
فعن أبي أمامة رضي الله عنه
 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
 
( صنائع المعروف تقي مصارع السوء ، وصدقة السر
 تطفئ غضب الرب وصلة الرحم تزيد من العمر )
 رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن .
 
وعن رافع بن مكيث بوزن عظيم رضي الله عنه
 كان ممكن شهد الحديبية
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
 
( حسن الملكة نماء ، وسوء الخلق شؤم ،
والبر زيادة في العمر، والصدقة تطفيء الخطيئة ،
 وتقي ميتة السوء )
كتاب الترغيب والترهيب .
 
وعن عمرو بن عوف رضي الله عنه قال :
 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
 
( إن صدقة المسلم تزيد في العمر، وتمنع ميتة سوء ،
ويذهب الله بها الكبر والفخر )
الترغيب والترهيب .
 
 
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
 
( إن الصدقة لتطفيء غضب الرب ، وتدفع ميتة السوء )
السلسلة الصحيحة المختصرة للألباني .

وفي حديث معاذ رضي الله
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
 
( الصوم جنة ، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار )
مشكاة المصابيح للألباني .
 
فهذه الأحاديث الكريمة وغيرها تبين أن الصدقة تبعد عن الإنسان
 غضب الله تعالى ، فإذا زال الغضب حلت رحمة الله تعالى بالعبد ،
 وإذا كانت الصدقة تطفئ الخطيئة ، وتزيلها من صحيفة العبد ،
 فلا يبقى الإ طاعته وعبادته ، فيرحمه الله تعالى ، ويزيل عنه برحمته
 وكرمة وفضله ما حل بالإنسان من مرض ، أو بلاء ، أو مشقة ،
 فالصدقة باب لذلك وسبب له .
 
وقد ذكر الإمام المنذري في كتاب الترغيب والترهيب .
هاتين الحكايتين :
 
قال المنذري :
[ عن علي بن الحسن بن شقيق قال :
 سمعت ابن المبارك ، وسأله رجل : يا أبا عبد الرحمن
 قرحةٌ خرجت في ركبتي منذ سبع سنين ، وقد عالجت بأنوع العلاج ،
 وسألت الأطباء ، فلم انتفع به .
قال : اذهب ، فانظر موضعاً يحتاج الناس الماء ، فأحفر هناك بئراً ،
 فإني أرجو أن تنبع هناك عين ، ويمسك عنك الدم ، ففعل الرجل، فبرأ ]
رواه البيهقي .
 
وقال البيهقي :
وفي هذا المعنى حكاية شيخنا الحاكم أبي عبد الله رحمه الله:
 
[ فإنه قُرح وجهه ، وعالجه بأنواع المعالجة ، فلم يذهب ، وبقي فيه
 قريباً من سنة ، فسأل الأستاذ الإمام أبا عثمان الصابوني أن يدعوّ له
 في مجلسه يوم الجمعة ، فدعا له ، وأكثر الناس التأمين ،
 فلما كان يوم الجمعة الأخرى ألقت امرأة في المجلس رقعة
بأنها عادت إلى بيتها ، واجتهدت في الدعاء للحاكم أبي عبد الله تلك الليلة ،
 فرأت في منامها رسول الله صلى الله عليه وسلم
 كأنه يقول لها :
 قولي لأبي عبد الله يوسع الماء على المسلمين ،
 فجئت بالرقعة إلى الحاكم ،
 فأمر بسقاية بنيت على باب داره ، وحين فرغوا من بنائها ،
 أمر بصب الماء فيها ، وطرح الجَمد ـ أي الثلج ـ في الماء ،
وأخذ الناس في الشرب فما مر عليه أسبوع حتى ظهر الشفاء ،
 وزالت تلك القروح ، وعاد وجهه إلى أحسن ما كان عليه
 وعاش بعد ذلك سنيناً ]
 الترغيب والترهيب .
 
فعند ما جعل هذان الماء صدقة لوجه الله تعالى بُرِئا مما فيها من القروح
 رغم عجز الأطباء في زمنهما عن معالجتهما ، وأظن ليس منا أحد إلا ويعلم
 أن رجلاً أو رجالاً شفاهم الله تعالى مما هم فيه من الأمراض والأسقام
 بسبب صدقة تقدم للفقراء والمساكين ، فهذا سبيل من سبل الشفاء
 على المسلم أن يسلكه إذا نابه شيء من البلاء عافانا الله وإياكم .
 
فرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من بعثه الله تعالى رحمة للعالمين
يدلنا على سبل الشفاء ، وطرقه المتنوعة ، فأحياناً يكون بالقرآن الكريم ،
 وتلاوته ، وأخرى يكون بدعاء وارد من سنته ، وأخرى بالصدقة ،
وكل ذلك حق وواقع لا مرية فيه ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
 
المصدر:
كتاب الإعجاز العلمي في السنة النبوية 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق