الخميس، 10 مارس 2016

فصاحة الأعرابي

يُحكى أنّ أعرابياً من أهل البادية  
 حلّ ضيفاً على رجل من أهل الحضر ،
وكان عند الحضري دجاج كثير ، وله إمرأة وإبنان وإبنتان 

فقال لزوجته :   
اشوي لنا دجاجة  
 وقدّميها لنتغدى بها .

 فلمّا حضر الغداء ، جلسوا جميعاً :
الرجل وامرأته وابناه وابنتاه والأعرابي الضيف ،

 فقدّم الرجل الدجاجة للأعرابي
 وطلب منه أن يقسِّمها بين جميع الجالسين ،
 وأراد بذلك أن يسخر من الأعرابي بسذاجته ،

 قال الأعرابي :   
لا أُحسن القسمة ،
ولكن لو ترضون بقسمتي فسأقسم بينكم .

قالوا له :
فإنّا نرضى بقسمتك

 فأخذ الدجاجة وقطع رأسها ،   
وأعطاه للرجل وقال :   
والجناحان للإبنين

 ثمّ قطع الساقين ، فقال :   
 والساقان للإبنتين

 ثمّ قطع الزَّمكي ، وقال :  
العجز للعجوز  

 ثمّ قال :
  الزور للزائر  

 وهو ما تبقى من الدجاجة
بعد أن نزع رأسها وجناحيها وساقيها ،
 فأخذ الدجاجة بأسرها له .


أغضبت القسمة الحضري صاحب البيت ،   
فقال لزوجته :
 في اليوم التالي 
  اشوي لنا خمس دجاجات 

وأراد بذلك أن يُحرج الأعرابي

 فلمّا حضر الغداء ، قال للأعرابي :
 اقسم بيننا  

 قال الأعرابي :
  أظن أنّكم غضبتم من قسمتي أمس  

 قالوا :
لم نغضب ، فاقسم بيننا  

 فقال الأعرابي :  

 شفعاً أم وتراً ؟
أي هل أقسمها عدداً فردياً أم زوجياً ؟

قالوا :  
  وتراً

 قال :   
 نعم


وأراد الأعرابي أن يقسمها  
 بحيث تصبح مجموعات  تتكوّن كل منها من ثلاث مجموعات 
  لتكون قسمة متساوية

 فقال للرجل :   
أنت وزوجتك 
  لو أعطيتكما دجاجة فيصبح عددكم ثلاثة

ورمى بدجاجة لهما ، ثمّ قال :   
والولدان إثنان  
 لو أعطيتهما دجاجة سيتساويان معكما
ويصبحون ثلاثة مثلكما  

 ورمى الثانية ، ثمّ قال:
وابنتاك اثنتان أيضاً ،  
 ولو أعطيتهما دجاجة لأصبحن مثلكما ثلاثة   
 
 
ورمى الثالثة ، وبهذا فقد قسّم الموجودين بكل دهاء
 إلى مجموعات تتكوّن من ثلاث  

 ثمّ قال :
وأنا ودجاجتان نصبح مثلكم ثلاثة  

 فأخذ الدجاجتين ،
ورآهم وهم يتحسّرون على الدجاجتين  
 اللتين أخذهما لنفسه   

فقال لهم : 
 
لماذا تستغربون ؟
ألم تعجبكم القسمة ؟  

والله إنّ القسمة الفردية  
 لا تصبح صحيحة إلا بهذه الطريقة

 
 قالوا :
فاقسمها شفعاً أي عدداً زوجياً  

 فأعاد الدجاجات الخمس إليه ، وبدأ من جديد  

 ثمّ قال للرجل :
  أنت والولدان ودجاجة  
 يصبح عددكم أربعة ،

 
ورمى إليهم دجاجة ثمّ قال :  
و العجوز أي زوجة الرجل وابنتاها ودجاجة
 يصبحن أيضاً أربعة  

 ورمى إليهنّ بدجاجة ، ثمّ قال :
وأنا والدجاجات الثلاث الباقية نصير مثلكم أربعة  

 وضمّ إليه ثلاث دجاجات ،
وبهذه الطريقة قسّم الحضور إلى مجموعات تتكوّن من أربع .


فما كان من الرجل إلا أن قبل بقسمة الأعرابي ،
وسكت بعد أن آمن بفصاحته ، وخاف أن يعود عليه بقسمة جديدة
 تفقده حتى الدجاجة التي أخذها مع إبنيه .


العبرة :  

 في كثير من الأحيان تظن أنّك قد وصلت لحل مشكلتك المثالي ،
ولكن تأكّد أنّك لو نظرت إليها بمنظور آخر وبشكل مختلف ،
فربّما كان لها أكثر من حل ، وربّما كانت هذه الحلول أكثر نفعاً
أو أقل خسارة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق