الخميس، 19 يوليو 2018

الزواج والوظيفة

أ. لولوة السجا
السؤال

♦ الملخص:
شاب عقَد على فتاة، ولكنه لا يجد وظيفة، وعندما اقترب وقت الزواج
أخبره والد الفتاة أنه لن يتم الزواج إلا بعد حصوله على عملٍ دائمٍ يُنفق
منه على ابنته.

♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابٌّ تخرَّجتُ مِن الجامعة أُصلي أحيانًا، وأقصِّر في الصلاة لشدة
ما يُصيبني مِن التعَب في العمل؛ حيث لا يوجد لديَّ وقتٌ بتاتًا!

تخرجتُ من الجامعة، وقدمتُ على عدة وظائف، ولم أُوَفَّق في الحصولِ
على عمَلٍ، حتى لو كان خارج تخصُّصي، والمشكلةُ الكبرى أني عاقد
على فتاة، ووضعي المادي صعبٌ للغاية!

اقترب وقت الزواج، ووالد خطيبتي أخبَرني أنني لن أتزوج قبل أن
أحصلَ على عمل دائمٍ أُنفق منه على ابنته، وأعطاني مُهلةً لمدة عام، وبعد العام
له الحقُّ في أن يَفسخَ عقد الزواج.
لا أدري ماذا أفعل؟ أشيروا عليَّ فأنا في كربٍ شديدٍ، ووصلتُ إلى مرحلةِ اليأس
الجواب

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن
والاه، أما بعدُ:
فلا تيئسْ، واستَعِنْ بالله جلَّ جلاله، فهو مالكُ المُلك، ومُدَبِّر الأمر،
فَوِّضْ أمرك إليه، ولا تَحمل هَمَّ الدنيا، فالدنيا بأكملها تحت إمرته سبحانه،
يقضي فيها بما يشاء لمن يشاء بـ(كن فيكون)، فلا تقلَقْ.

إنما الهمُّ الذي يَتحتَّم على كلِّ مؤمن حمله هو هَم الآخرة، وأقصد بذلك:
العلاقة التي بين العبد وربه، بدءًا بأركان الإسلام، وانتهاءً بمقتضيات الإيمان.

وأنت عرَضْتَ في رسالتك أنَّ هناك تقصيرًا في إقامتك للصلاة،
وذكرتَ لذلك عذرًا غير مقبولٍ ألبتة؛ فالصلاةُ هي الفرضُ الوحيد الذي
لا يُعذر المرء بتَرْكه، بل ويؤدَّى على أي حال، وفي أي مكان، ولا عجب
في ذلك، فقد جَعَلَها الله ركنًا وعمودًا للدين، ورتب على تَرْكِها الوقوعُ
في الكفر كما جاء ذلك على لسان نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم؛
حيث قال:
( العهدُ الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمَنْ تَرَكَها فقد كَفَر ).

وللعلماء كلامٌ طويل في حكم تارك الصلاة، بل إنَّ مِن العلماء مَن يرى
أن تأخير فرضٍ واحدٍ عن وقته عمدًا يُدخِل صاحبه في الكفر!

لذا ابدأ بصلاتك، وجاهِدْ نفسك، وأرْغِمْها على أداء الحقوق، كي يَسْلَمَ دينك،
ومِن ثَم تصلح لك دنياك؛ فقد جاء في حديثٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
( مَن كانت الدنيا هَمه جَعَلَ الله فَقْرَه في قلبه، وشتَّتَ عليه أمره،
ولم يأتِه منها إلا ما كُتِبَ له، ومَن كانت الآخرةُ أكبر همه جَعَلَ الله
غناه في قلبه، وجَمَع له شمله، وأتَتْهُ الدنيا وهي راغمةٌ )؛
صححه الألباني.

فبادِرْ رعاك الله في التغيير والإصلاح، ولا تتوانَ، ثم بعد ذلك استَخِرْ في
أمر زواجك مِن هذه الفتاة؛ فإنَّ الاستخارة أمر شرعي، وسببٌ في تيسير الأمور،
وابذلْ أسباب الحصول على الوظيفة مِن سعيٍ وبحثٍ وتحمُّلٍ، مُفوِّضًا في
كل ذلك أمرَك إلى الله، محسنًا به الظن، وثِقْ بعد ذلك بأنك
لن تخيبَ، وأن الله سيرزقك مِن حيث لا تحتسب عاجلًا أو آجلًا.

وإني لأنصحك إن كان والداك على قيد الحياةِ أن تسعى سعيًا حثيثًا
في برِّهما، والإحسان إليهما، فرِضاهُما سببٌ مِن أسباب التوفيق.

وعلى فرض أن الفُرصة التي أُعطِيَتْ لك لم تكن كافيةً،
فإن الأمر لن يتعدى هذين الاحتمالين، وهما:
أن يقدر والد الفتاة حرصك وسعيك، فيقوم بدوره بإعطائك فرصة أكبر.
وإما أن يحسمَ الأمر مِن قِبَله، فهنا لن يكون لك خيارٌ، فلا تُعلِّقْ نفسك
بالفتاة، وابحثْ عن غيرها.
وفقك اللهُ لما يُحب ويرضى، ويَسَّرَ أمرك، وشرَح صدرك،
وغفَر ذنبك، وأعانك على كل خيرٍ.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق