الثلاثاء، 29 يناير 2019

أصوات القولون تحرجني

أصوات القولون تحرجني

أ. عائشة الحكمي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أولًا: أحبُّ أن أشكركم على مساعدة الناس، أما عن مشكلتي، فهي كالتالي:

عمري 15 عامًا، ولديَّ أصوات في بطني منذ 3 سنوات،

بدأتْ هذه المشكلة في الصف الثاني متوسط،

ومن وقتها وأنا ألتفتُ يمينًا ويسارًا، والجميعُ يَنظُر إليَّ تلك

النظرةَ الغريبة، المصحوبة بالضحِك!

استمرَّتْ هذه المشكلة أيامًا، حتى قرَّرتُ الابتعادَ عن الناس،

وكنتُ أقضي وقتي في البيت دائمًا في غرفتي لا أخرج،

وخلال وقت الدراسة كنتُ أحاول التهرُّب بعد ذَهاب "الباص"،

والذهاب إلى أي محل هادئ حتى انتهاء المدرسة،

وأذهب لانتظار الباص عند الباب، استمررتُ هكذا حتى كَشَفني

والدي، وعَرَف عدد غيابي عن الدراسة؛

فعاقَبَني ووضعَني في مدرسةٍ أهلية مهتمة، وكنتُ طوال

الوقت أَمشِي في الساحة والنظرات

والضحكات كلها عليَّ حتى حاولتُ الانتحار! فقالتْ لي أمي:

ما مشكلتُك؟ فقلتُ لها المشكلة،

وأحضرتْ لي بعض الدواء من الصيدلية، لكنه لم يُفِدْني!

المغزى من الموضوع أن المشكلة استمرت 3 سنوات من العذاب،

والحرج، وعدم الذهاب إلى المدرسة.

أقضي يومي هكذا:

الفطور: بيضة واحدة مع توست وماء.

الغَدَاء: أرز وزبادي.

العشاء: أشرب كأسًا من الينسون أو الكمون، ولا أتعشَّى أبدًا،

أحاول شرب الماء وعدم التفكير في الجوع، وأحاول النوم.

هل هذه طريقة يمكن العيش بها؟ والله العظيم لم أَعُدْ أستطيع تحمُّل هذا.

أريد أن أكونَ مثلَ أي مراهقٍ، آكلُ ما أريد، أذهبُ أينما أُرِيد، أَفعَلُ ما أُرِيد،

وليس عليَّ أن أكون محرَجًا دائمًا بسبب هذه المشكلة!

أقسم بالله إنني لا أستطيع الذَّهاب لأي مكان، أو أتعرَّف على

أيِّ أصدقاء بسبب هذه المشكلة،

وكلما أكون قُرْب شخصٍ أجده ينظر إليَّ نظرة ريبة!

هل هذه المشكلة طبيعيةٌ؟ هل أن تظلَّ كلَّ هذا الوقت بالإنسان شيء طبيعيٌّ؟

أنا لا أظنُّ أن ثلاث سنوات شيءٌ طبيعي، عندما طلبتُ من

والدي أن يأخذني للمستشفى، لم يَقبَلْ!

الآن كلَّما أتتْ مناسَبةٌ عندنا لا أخرج، والكثير مِن أقربائي أصبحوا لا يتذكرونني،

هل هناك أَحَدٌ يستطيع العيشَ جائعًا طوال اليوم، وإذا حاول الأكل لا يُكثِر؟!

أرجوكم ساعدوني؛ لأنني لم أعدْ أستطيع تحمُّل هذه المشكلة،

أنا كنتُ شخصًا اجتماعيًّا،

دائمًا أخرجُ، وأعرف الجميع، والآن هذه المشكلة سبَّبتْ لي التوحُّد،

عندما أتكلَّم مع شخصٍ لا أعرفه أرتجفُ وأخاف مِن الأصوات التي تحدث لي!

هل الحل الوحيد هو الموت؟ لأنه هو الحل الوحيد الذي سيمنعني

مِن الحرَج، ويُبعدني عن الناس!

لا أترك صلاتي يوميًّا والحمد لله، وأدعو الله دعوة وحيدة،

وهي أن يَشفيَني ربِّي من هذا الأمر.

يوميًّا أبحث عن حل لهذه المشكلة! جرَّبتُ كلَّ شيءٍ مكتوب في الإنترنت،

والأصوات كما هي لا تتغيَّر، كل ما أريده الآن أن أمسك السكين

وأضعه في المكان الذي يُخرِج الأصوات،

فهل سيفيد؟! الله يوفِّقكم ساعدوني.

الجواب

بسم الله الموفِّق للصواب

وهو المستعان

أَيْ بُنَيَّ، إن مشكلتَك في أصْلِها عضويَّة وليستْ نفسية،

ومَن كانتْ مشكلتُه عضويةً،

فلا سبيل إلى شفائه بتدبيرِ العلاجات النفسية، بل لا بدَّ من إخضاعه

للفحص الطبي والعلاج الدوائي والغذائي قبل ذلك؛

لتزولَ الأعراض النفسية بزوال السبب العضوي، وأجدرُ

بمعاناتِك النفسية أن تزول - إن شاء الله تعالى -

وتعودَ إلى أحسن أحوالك النفسية والاجتماعية إن أنتَ وصفتَ

ما بك إلى طبيبٍ مختصٍّ في الأمراض الباطنية،

من أجل ذلك أقترح عليك التوجُّه إلى عيادةِ المدرسة

- إن وجدت - فإن لم توفِّر المدرسة عيادةً خاصة؛

فاسترشدِ المرشدَ الطلابي، وأَخبِره بمشكلتِك ورفضِ أهلك

فكرةَ ذَهَابِك إلى المستشفى للفحص والعلاج،

فإما أن يقترح المرشدُ فكرةَ اصطحابك إلى المستشفى بموافقة مديرِ المدرسة،

أو أن يُقنِع والديكِ بمسيسِ حاجتك للكشف الطبي،

وفي كلٍّ خيرٌ، وفي المستشفى سيصفُ لك الطبيبُ ما يصلحُ لعلَّتِك

من الأدوية المناسبة والأغذية الموافقة لمَعِدَتِك،

ومتى انتظمتَ على تناول الدواء والغذاء فستتوقَّف تلك

الأصوات المُحرِجة، وتعودُ إليك ثقتُك بنفسك،

ورونقُك النفسي والاجتماعي بمشيئة المنَّان - عز وجل - أما إن بَقِيتِ

الآثار النفسيةُ بعد العلاج الدوائي والنظام الغذائي،

فسيسرُّنا أن تكتبَ لنا مرةً ثانيةً، راجية من المولى - عز وجل -

أن يجعلَ علَّتَك ماحيةً لذنوبِك، مضاعفةً لثوابِك،

ولا بأس عليك، طهورٌ إن شاء الله تعالى.

والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب،

وله الحمد والنعمة، وبه التوفيق والعصمة

منقول للفائدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق