الاثنين، 11 فبراير 2019

فائدة نفيسة

فائدة نفيسة

ما الذي يجعل مجالس الوعظ أخوف

على الواعظ من مجالس العلم على المعلم؟

هناك فرقان مهمان جدا بين العلم والوعظ :

1- الوعظ يعتمد على ترقيق قلب السامع،

فيحتاج إلى جهد قوي من المتكلم،

في مقابل أن العلم ليست هذه حالته، صحيح أن العلم يتخلله وعظ ،

بل ويجب هذا، وهو مقصوده الأساسي، لكنه ليس مؤسسا

على ترقيق قلب السامعين،

فالعلم مقصوده بيان الحقائق في الكتاب والسنة مثل أن يجلسوا مجلسا

يتعلمون فيه الطهارة، أو الصلاة، أو البيوع، أو أحاديث الآداب،

أو يتعلمون في عقيدتهم أي باب من أبواب العقائد،

هذا اسمه علم مبني على الكتاب والسنة لا يحتاج لمشاعر،

بل يحتاج أن يفهم السامعون ما معنى هذا الدليل، ومامعنى هذا الدليل،،

وغالبا يكون المقبلون على الوعظ من عوام الناس، والمقبلون على طلب

العلم يكون لهم شيء من الخصوصية تسبب لهم أن يجتهدوا ليفهموا،

والمعلم يجتهد ليعلمهم، فلا مجال لأن يعجب بنفسه،

ولا هم يرون أنه ليس مثله أحد،

وهذا لا ينفي أن أهل العلم يدخلهم شيء من العجب، لكن ليس مثل

هذا النوع، فمجالس العلم عادة ليس فيها دموع، وبكاء ،

وإحساس برقة القلب،

إنما يكون فيها تركيز وجمع ذهن، فشأنها مختلف قليلا، وهذا الاختلاف

يسبب أن يكون المعلم نفسه مستصعبا أمر إفهام الطلاب للمسألة،

مما يجعله يستعين بالله،

ويسأله التوفيق، ليصل لهم، وفيها أيضا جهد من الطالب

حتى يصل إلى الفهم،

فهو إذًا أمر مشترك بين الطرفين، وفيه نوع من الجهد.

2- حين تطرح مسائل الوعظ تكون قلوب كثير

من الناس رقيقة في أصل المسألة،

فيستجيبون مباشرة ويشعرون تجاه الواعظ أنه قبلتهم

التي ترقق قلوبهم، لأنهم يحبون أن يسمعوا ما يرقق القلب،

فيشعر الواعظ أن له شعبية، ويظن أن إقبال الناس

عليه إنما هو دليل على صدقه،

في مقابل أن طلبة العلم عندهم وفرة من المعلمين ،

تساعد على أن تكون قلوبهم متوزعة،

ليست مقبلة على شخص واحد تتعلق به ،

و تجعله قبلة لها، فيشعر المعلم أنهم يأخذون منه،

ويذهبون لغيره،

وهذا يعدل المشاعر التي بينه وبينهم.

((. الخلاصة ))

• في الوعظ: يعالج الإنسان مشاعر الناس، وفي العلم يعالج فهومهم.

• في الوعظ: يقبل الناس على شخص يؤثر فيهم، فيتعلقون به،

وفي العلم: يتنقلون بين المعلمين، فلا يكون هناك ذاك الاتصال الشديد.

سؤال:

هل يُترك الوعظ لاعتبار أنه سبب للعجب؟

الجواب:

إن صحت نية المتكلم، وانتفع بقدرته في الأوقات المناسبة،

بحيث أنها لا تصبح عادة له، فإن شاء الله لا بأس في هذا، المهم

أن يبذل جهده في تصحيح نيته،

ولا يجعل الوعظ بضاعة، بل يعظ في الوقت المناسب، وبالقدر المناسب،

وبدون أن يكون الوعظ مهنة.

(شرح كتاب الكبائر)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق