الأحد، 19 يوليو 2020

لمسات بيانية


لمسات بيانية

قال الله تعالى في سورة المعارج :

{ يُبَصَّرونَهُم يَوَدُّ المُجرِمُ لَو يَفتَدي مِن عَذابِ يَومِئِذٍ بِبَنيهِ *

وَصاحِبَتِهِ وَأَخيهِ * وَفَصيلَتِهِ الَّتي تُؤويهِ * وَمَن فِي الأَرضِ جَميعًا ثُمَّ يُنجيهِ﴾ [١١-١٤]

وقال تعالى في سورة عبس :

﴿يَومَ يَفِرُّ المَرءُ مِن أَخيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبيهِ * وَصاحِبَتِهِ وَبَنيهِ﴾ [٣٤-٣٦]

فما الحكمة من اختلاف ترتيب أفراد الأسرة في السورتين ؟

في آية المعارج :

قال الطبري - رحمه الله - : " بدأ جلّ ثناؤه بِذِكر البنين ، ثم الصاحبة ، ثم

الأخ ، إعلاما منه عباده أن الكافر من عظيم ما ينزل به يومئذ من البلاء

يفتدي نفسه لو وَجَد إلى ذلك سبيلاً بأحبّ الناس إليه كان في الدنيا ،

وأقربهم إليه نسبا " .

وفي آية عبس : قال الطبري : ويعني بقوله : ( يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ )

يفرّ عن أخيه وأمه وأبيه ، ( وَصَاحِبَتِهِ ) يعني زوجته التي كانت زوجته

في الدنيا ، ( وَبَنِيهِ ) حذرا من مطالبتهم إياه بما بينه وبينهم من التبعات

والمظالم " . انتهى

وجاء في " لمسات بيانية " للدكتور فاضل السامرائى :

أولاً في (سورة عبس) قال : (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ) إذن هو مشهد الفرار وليس

مشهد العذاب مشهد الفرار يخلو بنفسه والفرار عادة يكون من الأباعد ثم

ينتهي بالأقربين ... الأبعد هو الأخ قد نكون في مدينة واحدة ولا يرى أحدنا

أخاه لسنة بينما يأوي الإنسان كل يوم إلى بيته وزوجه وأولاده .

في آية المعارج مشهد آخر ، هذا مشهد عذاب ، مجرم أدركه الجزع والأمر

ليس فيه مساومة فأراد أن يفتدي بأثمن ما لديه. أولاً ربنا قال مجرم والمجرم

يود النجاة بكل سبيل ويضحي ببنيه لأنه يصنع أيّ شيء ، فبدأ بأقرب القرابة .

لكن الملاحظ أنه ذكر الأخ والأبناء والصاحبة ولم يذكر الأب والأم

في الفداء ؛ لعظيم منزلتهما عند الله لا يجرؤ أن يفتدي بهما .

فهل هذا هو الإحسان إليهما أن تضعهما مكانك في جهنم ؟

قد يفرّ منهما لكن لا يفتدي بهما أبداً " . انتهى

الخلاصة :

بدأ في سورة (عبس) بذكر الأخ فالأم فالأب

فالصاحبة ثم الأبناء في الأخير ، لأنه مشهد الفرار .

وفي سورة (المعارج) على عكس ذلك ، فقد بدأ بالأبناء فالصاحبة فالأخ

فالفصيلة ثم انتهى بأهل الأرض أجمعين ، لأنه مشهد العذاب.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق