الخميس، 11 فبراير 2021

نداءات المؤمنين ( الجزء الأول )

 

نداءات المؤمنين


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً

( الجزء الأول )

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق

الوعد الأمين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة

والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

كلمة الذكر تدور مع الإنسان في كل شؤون حياته:

أيها الأخوة الكرام، مع الدرس المتمم للثلاثين من دروس يا أيها

الذين ئآمنوا، آية اليوم:

{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا(41)وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا

(42)هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ

إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا(43)}


( سورة الأحزاب )

أول نقطة أن كلمة الذكر تدور مع الإنسان في كل شؤونه،

وفي كل أحواله، وفي كل أزمانه، وفي كل وقائعه، مثلاً إذا

قرأت القرآن الكريم فأنت ذاكر، وإذا قرأت حديث رسول الله فأنت ذاكر،

وإذا أمرت بالمعروف فأنت ذاكر، وإذا نهيت عن المنكر فأنت ذاكر،

وإذا دعوت إلى الله فأنت ذاكر، وإذا قرأت كتاب فقه تتعلم

الأحكام الشرعية كي تطبقها فأنت ذاكر، وإذا استغفرت فأنت ذاكر،

وإذا سبحت فأنت ذاكر، وإذا حمدت فأنت ذاكر، وإذا هللت فأنت ذاكر،

وإذا وحدت فأنت ذاكر، وإذا ناجيت ربك فأنت ذاكر،

وإذا تأملت في خلق السماوات والأرض فأنت ذاكر،

وإذا تفكرت في خلق السماوات والأرض فأنت ذاكر.



على المؤمن أن يُكثر من ذكر الله عز وجل لأن المنافق يذكر الله

و لكن بشكل قليل:



لذلك:

{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا(41) }


( سورة الأحزاب)

النقطة الثانية أن الآية تتجه لا إلى الذكر لأن المنافق يذكر الله،

قال تعالى يصف المنافقين:


{ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) }


( سورة النساء)

معنى ذلك الأمر لا ينصب على الذكر فحسب بل ينصب على

الذكر الكثير، القليل يفعله المنافق لذلك:

(( من أكثر ذكر الله فقد برئ من النفاق ))


[ أخرجه الطبراني في الصغير عن أبي هريرة ]


المؤمن يذكر الله في كل أحواله ؛ في الشدة و الرخاء و الصحة

و المرض:

الآية الكريمة:



{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا(41)

وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا(42) }



( سورة الأحزاب )

صباحاً ومساءً، المؤمن يذكر الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم،

هناك حالة رابعة ؟ إما أنك مضجع أو جالس أو واقع، أي يذكرون الله

في كل أحوالهم، في الشدة يذكر الله، في الرخاء يذكر الله، في الصحة

يذكر الله، في المرض يذكر الله:

( عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ،

إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ )


[ مسلم عَنْ صُهَيْبٍ]

عاهدنا رسول الله على السمع والطاعة في المنشط والمكره.

ابتلاء المؤمن على قدر إيمانه:

ممكن إنسان إيمانه ضعيف إذا الدنيا أقبلت عليه فهو من رواد المساجد،

فإذا انزاحت عنه أو زويت عنه ترك المسجد، لذلك لابدّ من أن تمتحن.

قيل للشافعي: يا إمام، أندعو الله بالابتلاء أم بالتمكين ؟

فقال: لن تمكن قبل أن تبتلى .

أنت فحصت المركبة بالطريق النازل ممتازة، لو ما فيها محرك تنزل،

بالنزلة ما في مشكلة أبداً، الامتحان بالصعود، حميت السيارة،

فإذا امتحنك الله بالرخاء فنجحت أنا أرى لابدّ من أن تمتحن بالشدة لأن:

{ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ }

( سورة العنكبوت )

وطن نفسك أنه في امتحانات، وأشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل

فالأمثل يبتلى المؤمن على قدر إيمانه.

الله تعالى يسوق لكل مؤمن بعض الامتحانات ليمتحن إيمانه و صدقه:

تظن الجنة التي عرضها السماوات والأرض:

( أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ،

وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ)


[ متفق عليه عن أبي هريرة]

إلى أبد الآبدين تنالها بركعتين وإنفاق ليرتين، هذا من سابع

المستحيلات، لذلك لابدّ من أن نمتحن الآية الكريمة:

{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ

وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ }


( سورة آل عمران )

بمعامل الاسمنت هناك طريقة لامتحان كل طبخة، من هذه الطبخة

تصنع مكعبات، وهناك جهاز بسيط جداً يمسك المكعب من أعلاه

ويربط في أسفله كفة توضع فيها أوزان على أي وزن ينكسر

هذا المكعب هذه مقاومته، فكل مؤمن له مقاومة، لا آكل قرشاً حراماً،

ألف ليرة لا تأكلها، إذا مليون تفكر، فساد عام يقول لك

وأنا عندي أولاد والله يتوب علينا، الله عز وجل يسمح لك أن

تتكلم ما تشاء لكنه متكفل أن يحجمك، يسمح لك أن تقول عن نفسك

ما تشاء لكن الله عز وجل هذا الذي قلته سوف يسوق لك بعض

الامتحانات الدقيقة جداً إما أن تنجح أو أن تكفر، الآية:

{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا(41) }


( سورة الأحزاب)

( ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم،

وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم

فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم، قالوا: بلى، قال: ذكر الله تعالى )


[ الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه]

الحق لا يتعدد لأن الله معه :

{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا(41)وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا

(42)هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ (43) }


( سورة الأحزاب )

دقق :

{ مِنْ الظُّلُمَاتِ (43)}

( سورة الأحزاب )

جمع:

{ إِلَى النُّورِ (43)}


( سورة الأحزاب )

مفرد، الحق لا يتعدد، أنا أستنبط من هذه الحقيقة أن المعركة بين

حقين لا تكون مستحيل أن يتصارع حقان، الحق خط مستقيم يمر

بين نقطتين، حاول تمرر خطاً آخر يأتي فوقه تماماً، الثالث، الرابع،

الخامس، المليون، أبداً الحق لا يتغير، أما حاول أن ترسم خطاً

منحنياً بين نقطتين، ممكن أن ترسم مليون خط، ممكن ترسم

مليون خط منكسر أما خط مستقيم، فالحرب بين حقين لا تكون

، وبين حق وباطل لا تطول، لأن الله مع الحق، وبين باطلين لا تنتهي.


أنواع النصر:


لذلك قالوا هناك نصر استحقاقي كما انتصر الصحابة الكرام

قال تعالى:

{ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ }

( سورة آل عمران الآية: 123 )

و نصر تفضلي كما انتصر الروم على الفرس قال تعالى:

{ غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ *

فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ *

بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ }


( سورة الروم )

الروم أهل كتاب هم في القرآن الكريم مشركون، ومع ذلك انتصروا

سمى العلماء هذا النصر نصر تفضلي، وهناك نصر كوني،

الفريقان شاردان عن الله الأقوى ينتصر، الذي عنده سلاح مداه

المجدي أبعد ينتصر، الذي عنده سلاح دقة الإصابة أكبر ينتصر،

الذي عنده أقمار، إذا انعدم الإيمان بين الطرفين النصر للأقوى

هذا نصر كوني، هناك نصر استحقاقي، نصر تفضلي، نصر كوني،

وهناك نصر مبدئي هذا النصر عزاء لكل من مات في سبيل الله

جاءه صاروخ أذهب بحياته لكنه مات مؤمن مات موحداً إلى الجنة

هو انتصر في الآخرة، هذا نصر مبدئي فنحن بين النصر الاستحقاقي

والنصر التفضلي والنصر الكوني والنصر المبدئي، المعركة بين

حقين لا تكون، وبين حق وباطل لا تطول لأن الله مع الحق وبين

باطلين لا تنتهي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق