السبت، 19 يونيو 2021

عالج نفسك بالقرآن (49)

 

عالج نفسك بالقرآن (49)


عالج نفسك بالقرآن أثناء النوم
من الحقائق التي حدثنا عنها: آية النوم، فالنوم آية ومعجزة تشهد على عظمة
الخالق ودقة صنعه وإتقانه، ويقول العلماء بعد سنوات طويلة من البحث:
إن النوم عملية معقدة جداً وهي ضرورية لاستمرار الحياة، ومن دون النوم
لا وجود للحياة!

ولكن قبل ذلك ينبغي أن ندرك أن النوم مهم جداً لبناء الإنسان واستمراره
وتطوره وذكائه. وقد قام الباحثون بتجارب كثيرة على النوم ولا زالوا وأجمعوا
على أن النوم من العمليات المعقدة جداً، وكلما زادت معرفتهم بالنوم أكث
أدركوا جهلهم بهذه العملية المعقدة.

ولذلك فإن الله تبارك وتعالى أخبر البشر بأن علمهم محدود، يقول تعالى:
{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}
[الإسراء: 85].

تبقى الأذن تعمل وتدخل إليها أي ترددات صوتية وتنقلها إلى الدماغ، الذي
يقوم بمعالجة هذه المعلومات الواردة، ومع أن الإنسان وهو نائم لا يشعر بأي
شيء، إلا أن حاسة السمع تقوم بالكثير بل وتحافظ على التوازن أثناء النوم،
فالنوم هو آية تستحق أن نتفكر فيها، وهذه الأذن سخرها اله لنا فأقل شيء
نقدمه كشكر لله أن نستخدمها لنسمع بها كلام خالقنا ورازقنا سبحانه وتعالى.

إن النائم يغمض عينيه فلا يرى شيئاً، وتتوقف لديه حاسة اللمس، وكذلك
حاسة الشمّ، ولكن هناك حاسة وهي السمع تبقى متنبهة لأي صوت خارجي،
لذلك نرى كثيراً من النائمين وهو نائم يرى حلماً تدور أحداثه حول
كلمة ألقيت بجانبه.

مثلاً إذا جئنا بإنسان نائم وأجرينا عليه مسحاً لدماغه بواسطة جهاز المسح
بالرنين المغنطيسي الوظيفي fMRI فإننا نلاحظ أن دماغه يستجيب للأصوات
التي تتردد بجانبه، بل إن الدماغ يعالج هذه الأصوات وبالتالي يمكننا أن نقول
إن حاسة السمع لها عمل مهم أثناء النوم.

صورة للدماغ بواسطة جهاز المسح fMRI وقد تبين للعلماء أن الدماغ يبقى
في حالة نشاط أثناء النوم، حيث يقوم بمعالجة المعلومات التي اختزنها طيلة
النهار وترتيبها وتنسيقها في خلايا خاصة، والإشارات الصفراء على الصور
هي للمناطق التي تنشط من الدماغ أثناء النوم بعد التأثير على هذا النائم
بكلمات محددة. طبعاً هذه المناطق تختلف من شخص لآخر وتختلف مع نفس
الشخص حسب حالته النفسية وحسب الحلم الذي يراه وهو نائم
وحسب الأصوات التي يسمعها وهو نائم.

هناك طريقة رائعة للعلاج بالقرآن من دون أي جهد، أن تعالج نفسك أثناء
النوم، أي أن تستمع إلى صوت القرآن كل يوم قبل أن تنام وبعد نومك، وسوف
تستجيب خلايا دماغك وقلبك لكلام الله وسوف يتم برمجة الدماغ من جديد.

يتأثر الدماغ بالصوت ويقول العلماء إن النشاط الدماغي يختلف حسب نوع
الصوت الذي يحيط به، فكل كلمة ننطقها تؤدي إلى نشاط في الدماغ يختلف
عن الكلمة الأخرى! سبحان الله تأملوا كم من النشاطات التي تجري في الدماغ
مع كل حرف ننطقه أو نسمعه، ولذلك فإن عمل الدماغ أثناء النوم
هو آية من آيات الله تعالى.

ويؤكد العلماء أن عمل الدماغ معقد جداً حيث يتأثر بالكلمات التي يسمعها،
ويحاولون رسم خرائط للدماغ بهدف معرفة ما يفكر به الإنسان. أي يقومون
بعملية عكسية، يرصدون نشاط الدماغ لتحويله إلى كلمات! ويا ليت أطباء
المسلمين يقومون بتجارب حول تأثير القرآن على الدماغ، بل تأثير كل كلمة
من كلمات القرآن على الدماغ وبخاصة كلمة {الله} سبحانه وتعالى. لماذا
لا نجري تجارب عن تأثير القرآن على الإنسان النائم؟ مع أنها تجارب بسيطة
جداً ولكن تجد أنه لا أحد يقوم بها!!

طالما ظن الإنسان أن النوم عملية بسيطة، ولكن تبين حديثاً أنها من أعقد
العمليات الطبيعية التي تحدث فقد اكتشف العلماء أن هناك مراحل للنوم،
وأن الدماغ يطلق موجات كهرطيسية أثناء النوم بترددات مختلفة. ولذلك
فإن الله تعالى نبَّهنا إلى هذه النعمة العظيمة بقوله {ومن آياته} أي من
معجزاته، فالنوم هو بحق معجزة ونعمة وآية تستحق أن نتفكر فيها. نلاحظ
في الشكل خمس مراحل للنوم، كل مرحلة تتميز بإن الدماغ يصدر ترددات
تختلف عن الأخرى {موجات كهرطيسية}، والمرحلة العميقة هي تلك التي
يطلق الدماغ فيها ترددات منخفضة جداً {أقل من 3 هرتز} وهي مرحلة مهمة
للإبداع والشفاء، وهذه الترددات تنطلق من منطقة الناصية التي كان النبي
الأعظم يسلمها لله تعالى فيقول في دعائه: {ناصيتي بيدك}. وربما هذه
الترددات موجودة في صوت القرآن الذي نسمعه والله أعلم.

يتميز القرآن بأن كل عبارة فيه جاءت في موضعها المناسب، وقد أودع الله في
هذه العبارات معجزة تشهد على أنه لا يمكن لأحد أن يغير حرفاً من كتاب الله
ولو حدث ذلك سيختل النظام المحكم لهذه العبارات. ولكن دعونا نتساءل:
هل هناك علاقة بين النوم والسمع؟ علمياً أثبت العلماء هذه العلاقة،
ولكن قرآنياً كيف تحدث الله عن النوم؟ يقول تعالى:

{وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ}
[الروم: 23].

وهنا نتوقف قليلاً ونتوقع ماذا يمكن أن يأتي بعد هذه الكلمات الإلهية الرائعة،
فالآية تحدثنا عن آية النوم أي معجزة النوم، لأن كلمة {آية} تعني {معجزة}،
أي أن تفسير الآية هو: ومن معجزاته نومكم في الليل وفي النهار.

والعجيب أن الله تعالى ختم هذه الآية بقوله جل وعلا:

{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ}

سبحان الله!! ربط بين النوم وبين السمع، وهذه إشارة قرآنية لطيفة إلى
أهمية الاستماع إلى القرآن أثناء النوم، والله أعلم. ولذلك من المنطقي
والطبيعي أننا عندما نتحدث عن النوم أن نتحدث عن السمع، وهذا ما فعله
القرآن عندما ربط بين النوم بالليل والنهار:

{مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}
وبين السمع
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ}.
مع العلم أن سورة الروم حيث وردت هذه الآية فيها كثير من هذه العبارات،
ودائماً تأتي العبارة مرتبطة بما قبلها وبما يتناسب مع النص القرآني،
وهذا إعجاز يُضاف للرصيد الإعجازي لكتاب الله تعالى.

بقلم المهندس/ عبد الدائم الكحيل



ر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق