الاثنين، 14 مارس 2022

تَعِسَ عبدُ الدِّينار

 تَعِسَ عبدُ الدِّينار


قد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلَّم أصحابه من عبودية المال؛ فقال: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمِ، وَالقَطِيفَةِ، وَالخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ». [البخاري 2886، 2887، 6435].
و« تَعِسَ »: بفتح التاء، وكسر العين المهملة – ويجوز فتحها - ضد سَعِدَ، بمعنى شقِيَ، والمراد هنا هلك. [فتح الباري (7/163 – 164)، و(14/530)].
وقد بوب البخاري في "صحيحه" باب: « ما يُتَّقَى من فتنةِ المَالِ » ذكر فيه حديث أبي هريرة السابق وغيرَه، وصدَّره بقول الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾ [التغابن: 15]، قال الحافظ ابن حجر (المتوفى 852هـ) - رحمه الله -: « أي: تشغل البال عن القيام بالطاعة، وكأنه أشار بذلك إلى ما أخرجه الترمذي وابن حبان والحاكم وصححوه من حديث كعب بن عياض: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن لكل أمة فتنة، وفتنة أمتي المال". وله شاهد مرسل عند سعيد بن منصور عن جبير بن نفير مثله وزاد: ولو سِيل لابنِ آدم واديان من مالٍ لتمنَّى إليه ثالثًا... الحديث، وبها تظهر المناسبة جدًّا، وقوله "سِيل" - بكسر المهملة، بعدها تحتانية ساكنة، ثم لام على البناء للمجهول – يقال: سال الوادي إذا جرَى ماؤُه». [فتح الباري (14/529)].
و« عبد الدينار »: طالبه الحريصُ على جمعِه، القائم على حفظه، فكأنَّه خادمه وعبده.
وجمعُ الدنانير ومِلكها ليس مذمومًا في ذاته حتَّى يصبحَ المالك الجامعُ عبدًا لما جمع مملوكًا لديناره ودرهمه بعد أن كان مالكًا له.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث متى يكون المالك عبدًا مملوكًا للدينار والدرهم؛ فقال: « إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ ».
قال العلامة ابن عثيمين (المتوفى 1421هـ) - رحمه الله -: « صار عبدًا لها؛ لأنَّ هذه الأشياء ملكته، يرضى بحصولها، ويغضب بفواتها، فصار عبدًا ذليلًا لها، هذا من وجهٍ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق