الثلاثاء، 14 فبراير 2012

الباخَرْزي


بسم الله الرحمن الرحيم


(… ـ 467هـ/… ـ 1075م)


أبو الحسن علي بن الحسن بن أبي الطيّب الباخرزي. أديب وشاعر وأحد كتّاب الرسائل المعروفين في الدولة السلجوقية، وهو من ذوي اللسانين العربي والفارسي.


ولد في مطلع القرن الخامس الهجري، ونشأ وتعلم في بلدته باخَرْز من نواحي نيسابور ببلاد فارس، تَلْمذ في طفولته لوالده الشيخ أبي علي الحسن بن أبي الطيّب الذي كان أديباً وشاعراً، كما تلمذ للثعالبي صاحب «اليتيمة» الذي جمعت بينه وبين والده صلات حميمة، ويروى أن الباخرزي كان صلة الوصل بينهما يحمل المساجلات الشعرية والإخوانية التي كانت تدور بينهما أيام كانا لصيقي دار في نيسابور.


قرأ الباخرزي القرآن والحديث والفقه، وقد تفقه على الشيخ الجويني (ت 438هـ) والد إمام الحرمين الشريفين وأوحد زمانه علماً وزهداً ومعرفة في فقه الشافعية. وتكاد تجمع الأخبار على أنه بعد أن ترك حلقة الشيخ الجويني شرع في فن الكتابة والإنشاء واختلف إلى ديوان الرسائل.


أكثر الباخرزي في حياته من الرحلة والتجوال، فزار عدداً من البلدان، وقصد المكتبات طلباً للعلم والمعرفة، والتقى في أثناء تجواله كبار علماء عصره كعبد القاهر الجرجاني الذي درس على يده النحو والبلاغة والنقد، وأبي بكر القُهسْتاني الذي درس على يده علوم الأوائل والفلسفة، وابن كرّام الذي درس على يده علم الكلام والاعتزال، وقد أشار الباخرزي إلى كثرة أسفاره في كتابه «دمية القصر» بقوله: «ولا أزال أهبّ في كل بقعة مذكورة وأحط رجلي من كورة إلى كورة».


وإلى جانب العلماء التقى الباخرزي عدداً من القضاة والأمراء والوزراء والأدباء والشعراء، وكان كثير الصحبة والمعاشرة لكبار متنفذي عصره مما يدل على رفعة مكانته وشهرته في أي مكان حلّ فيه أو ارتحل إليه. فقد زار بغداد كما زار البصرة وهراة، وقصد بلخ ومرو والريّ وأصفهان وهمذان وواسط، ويذكر أنه ورد بغداد في بداية عهد الدولة السلجوقية بطلب من الوزير أبي نصر الكندري الذي استوزره السلطان طغرل بك «عميد الملك».


ويذكر ياقوت الحموي «أن الباخرزي كان شريك الكُندُري في مجلس الإفادة من الإمام الموفّق النيسابوري سنة 434هـ». ويقال: إنه اكتسب رضا الكُندري بعد أن هجاه مداعباً بقصيدة أولها «أقْبَلَ». فلما صار الكندري وزيراً محكّماً قدم عليه الباخرزي فألحقه بحاشيته قائلاً له: أنت صاحب «أقبل». ويبدو أنه كان يتردد على مجالس الأنس والشراب، وقد ارتفعت به الأحوال وانخفضت، ورأى من الدهر العجائب سفراً وحضراً.


صنّف الباخرزي كتاب «دمية القصر وعصرة أهل العصر» وهو ذيل «يتيمة الدهر» للثعالبي، حققه سامي مكي العاني سنة 1985م، ويقع الكتاب في سبعة أبواب هي: شعراء البادية وشعراء الحجاز وشعراء الشام وديار بكر وأذربيجان وشعراء العراق والجزيرة وسائر بلاد المغرب، وشعراء الري والجبال وأصفهان وفارس وكرمان، وشعراء خراسان وقوهستان وبست وسجستان وغزنة، وكان القسم السابع في طبقة من أئمة الأدب لم يجر لهم في الشعر رسم. وقد ذيّلت بعض مخطوطات «الدمية» بمختارات من شعره، ووضع على الكتاب أبو الحسن علي بن زيد البيهقي كتاباً سماه «وشاح الدمية» وهو كالذيل عليه، كما ذكر العماد الأصفهاني أن كتاب الدمية بعثه على تأليف كتابه «خريدة القصر وجريدة العصر» استوفى فيه شعراء العالم الإسلامي في القرن السادس الهجري.


وللباخرزي ديوان شعر حققه محمد التونجي سنة 1973م، وتتوزع أغراض الديوان بين المديح والغزل والهجاء والفخر ووصف الخمرة ومجالس الأنس، وقد أكثر في هذا الديوان من مدح نظام الملك وأكثر فيه من المحسنات واستخدم الألفاظ الفارسية، وفي الديوان قصائد كاملة كتبها بالفارسية، وشعره عامة يغلب عليه التكلف والتصنع، ومن مشهور شعره قوله:


كم مؤمنٍ قرصته أظفارَ الشتا.....فغدا لسكانِ الجحيم حسودا

وترى طيورَ الماءِ في وَكَناتها....تختار حرَّ النار والسُفّودا


شهد له معاصروه بالأدب والعلم والفضل، وقد ألّف كتباً ذكرها في كتاب «الدمية» منها «شعراء باخرز»، و«غالية السُّكارى»، وهو في صفة نيسابور و«الأربعون في الحديث» و«التعليقات والفوائد».

مات الباخرزي مقتولاً في مجلس أنس في باخرز.
الموسوعة العربية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق