الثلاثاء، 14 فبراير 2012

أحمد بن حاتم الباهلي


بسم الله الرحمن الرحيم

( … ـ 231هـ/ … ـ 845م)


أبو نصر أحمد بن حاتم الباهلي، العالم اللغوي الأديب. ولد في البصرة في النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة. وكانت البصرة آنذاك في ذروة ازدهارها تعج بعلمائها وأدبائها وشعرائها ورواتها الكبار، فتفتحت لأبي نصر أبواب المعرفة، وأقبل على الأدب والشعر واللغة إقبال مشغوف حتى نبغ وتفوق، ووصل حباله بحبال الأصمعي عالم البصرة وراويتها الكبير، ولغويها الفذّ، فأخذ عنه، وقرأ عليه كتبه في اللغة والأدب والشعر قراءة واعية، وصحبه ولازمه وتخرّج به حتى عرف بصاحب الأصمعي، وقال قوم: غلام الأصمعي، تنويهاً بتلك المنزلة التي استحقها بدرسه الدائب، وذكائه المتوقد، وحافظته القوية، وإخلاصه لأستاذه راوية العرب.


وأخذ أيضاً عن علامتي البصرة: أبي عبيدة معمر بن المثنى، وأبي زيد الأنصاري، وهما ما هما من معرفة اللغة والأدب ورواية أخبار العرب وأشعارها.


وانتقل الباهلي إلى بغداد، وقد روّى نفسَه علماً، وأصبح في عداد كبار العلماء، وأقام بها ينشر علمه، ويروي ما ثقفه من علوم العربية وأشعارها، واتصل بأبي عمرو الشيباني الراوية الكوفي الكبير، وأخذ عنه.


وتقاطر عليه قاصدوه والآخذون عنه لما عُرف به من الأمانة في النقل، وما تحلى به من الخلق المتين، مع سعة الرواية، والتعمق في معرفة العربية وعلومها، والوقوف على أساليبها وأسرارها. وكان يملي في حلقته أشعار العرب وأخبارها وآدابها. ومما أملاه فيما وصل إلينا من أخباره، شعر الشماخ وشعر ذي الرمة، فكان المأمون الثقة الصادق فيما يرويه، حتى قال فيه الأصمعي: «ما يصدق عليَّ إلا أبو نصر». وحين وازن العلماء والنقاد بينه وبين عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي رجحت كفة أبي نصر، ورأوه أوثق من عبد الرحمن وأثبت.


ومن أشهر العلماء الذين أخذوا عنه ببغداد إبراهيم الحربي، وأحمد بن يحيى ثعلب.


وألّف الباهلي طائفة من الرسائل اللغوية على طريقة الأصمعي، منها: كتاب الشجر والنبات، وكتاب الإبل، وكتاب أبيات المعاني، وكتاب اشتقاق الأسماء، وكتاب ما تلحن فيه العامة.


وطارت شهرة الباهلي، واستجاب لدعوة تلقاها من أصبهان، وكانت مركزاً مهماً من مراكز العلم، فشدَّ إليها رحاله بعد سنة 220هـ، ونقل معه مصنفات الأصمعي وأشعار شعراء الجاهلية وشعراء الإسلام مقروءة على الأصمعي.


والتفّ حوله طلاب العلم ومحبو المعرفة، يقرؤون عليه، وينهلون من علمه الثرّ، ومعينه العذب الصافي. ونشر في أصبهان علم الأصمعي وروايته.


وكان من أشهر تلاميذه بأصبهان أبو علي الحسن بن عبد الله الأصبهاني المعروف بلغدة (ولكدة أيضاً). وقد أصبح بعد إماماً في النحو والشعر واللغة. وكان من وفائه لأستاذه أبي نصر أن ألَّف كتاباً شرح فيه كتاب أبيات المعاني لأستاذه.


ومن تمام الحديث عن أبي نصر أن نشير إلى ما قام بينه وبين راوية الكوفة الكبير ابن الأعرابي من منازعات ومنافسات جرت العادة أن تقوم بين الأنداد. وكان أبو نصر «يتعنّت ابن الأعرابي ويكذّبه، ويدّعي عليه التزيُّد ويزيّفه، وابن الأعرابي أكثر حفظاً للنوادر منه، وأبو نصر أشدُّ تثبتاً وأمانة وأوثق».


بقي لنا من كتب الباهلي كتابان:


أحدهما مخطوط هو كتاب اشتقاق الأسماء (مكتبة أسعد أفندي بالأستانة / رقم2357). والثاني مطبوع، وهو ديوان ذي الرمة، وقد وصل إلينا برواية أحمد بن يحيى ثعلب عن أبي نصر الباهلي عن الأصمعي.


وتكشف مطالعة الديوان عن الثروة النفيسة التي قدمها أبو نصر الباهلي بروايته الشعر، وشروحه البديعة، وتفسيره الألفاظ الغريبة.


وعاد الباهلي في آخر عمره إلى البصرة، ووافته المنية وقد نيّف على السبعين.


الموسوعة العربية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق