الجمعة، 31 مارس 2017

للفراسة رجالها


لا تكون الفراسة إلا بتفريغ القلب من هَمّ الدنيا ، وتطهيره من أدناس
المعاصي وكدورة الأخلاق وفضول المباحات ، وعندها يجري على مرآة
القلب كل حق لا خيال ، لأنه تقلب بين آيات الحق وأنوار الطاعات فانهالت
عليه الفيوضات والإشراقات
 
 ومثل ذلك قول ابن عباس رضي الله عنه :
ما سألني أحد عن شيء إلا عرفت أفقيه هو أو غير فقيه.
 
وما رُوِي عن الشافعي ومحمد بن الحسن
 أنهما كانا بفناء الكعبة ورجل على باب المسجد فقال أحدهما : أراه نجارا
، وقال الآخر : بل حدادا ، فتبادر من حضر إلى الرجل فسأله
فقال : كنت نجارا وأنا اليوم حداد!!
 
ورُوي عن جندب بن عبد الله البجلي
 أنه أتى على رجل يقرأ القرآن فوقف فقال : من سمَّع سمَّع الله به
 ومن راءى راءى الله به ،فقلنا له : كأنك عرَّضت بهذا الرجل
 فقال :إن هذا يقرأ عليك القرآن اليوم ويخرج غدا حروريا
 فكان رأس الحرورية واسمه مرداس.
 
ورُوِي عن الحسن البصري
أنه دخل عليه عمرو بن عبيد فقال :
هذا سيد فتيان البصرة إن لم يُحدِث ، فكان من أمره من القدَر
ما كان حتى هجره عامة إخوانه.
وقال لأيوب : هذا سيد فتيان أهل البصرة ولم يستثن.
 
ورُوِى عن الشعبي
 أنه قال لداود الأزدي وهو يماريه : إنك لا تموت حتى تُكوى
ي رأسك وكان كذلك.
 
ورُوي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
دخل عليه قوم من مذحج فيهم الأشتر فصعَّد فيه النظر وصوَّبه وقال :
أيهم هذا؟ قالوا : مالك بن الحارث فقال : ما له قاتله الله! إني لأرى
للمسلمين منه يوما عصيبا ، فكان منه في الفتنة ما كان.
 
ورُوِي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه :
أن أنس بن مالك دخل عليه وكان قد مر بالسوق ، فنظر إلى امرأة فلما
نظر إليه قال عثمان : يدخل أحدكم علي وفي عينيه أثر الزني!
 فقال له أنس : أوحيا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فقال : لا !
ولكن برهان وفراسة ، وصدق ، ومثله كثير من الصحابة والتابعين
 رضي الله عنهم أجمعين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق