الأحد، 29 أبريل 2018

كيف يُحصِّن المرء نفسه 1-


كيف يُحصِّن المرء نفسه من الفتنة في دينه ؟
وإذا وقع فيها فماذا يتوجب عليه لدرء هذه الفتنة ؟ (1)

الجواب :
الحمد لله

أولاً:

إن صلاح دين المرء في الدنيا يعني سعادته وفوزه في الآخرة ،
وإن رأس مال المسلم دينه ، فمن فرَّط فيه وعرَّضه للفتن فقد خاب
وخسر ، ومن حافظ عليه واعتنى بتقويته أفلح ونجح ، ولذا كان من
دعائه صلى الله عليه وسلم :
( اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي
فِيهَا مَعَاشِي وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ
زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَلْ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ ) .
رواه مسلم ( 2720 ) .

قال المناوي – رحمه الله - :

( اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري )
أي : الذي هو حافظ لجميع أموري ، فإن مَن فسد دينُه فسدت
جميعُ أموره وخاب وخسر في الدنيا والآخرة .

فيض القدير ( 2 / 173 ) .

ثانياً:

يستطيع المسلم - بتوفيق الله له – أن يحصِّن دينَه من الفتن
وذلك بسلوكه سبيل المؤمنين فيما أوصوا به من أمور ، ومن ذلك :

1. الابتعاد عن بيئة الفساد الديني والخلقي ،
فيبتعد عن السكنى في ديار الكفر ، وينأى بنفسه عن مخالطة الفسَّاق ،
ومن ابتعد عن وسائل الفساد حفظَ دينه من الضياع بإذن الله ،
وتوشك بيئات الكفر ومخالطة أهلها أن تؤثر في الساكن بينهم من
المسلمين ، وقد رأينا وسمعنا ما يفطِّر القلب ممن انتكس على عقبيه ،
وباع دينه بمتاع من الدنيا زائل ، وكان ذلك بسبب انبهاره ببيئة الكفر
وأهلها ، وموت قلبه في السكنى بينهم ، أو بمخالطتهم .

ومما يشبه ما سبق :
الابتعاد عن الدخول في معترك الخلافات بين المسلمين ، وخاصة
إذا أدَّى الاختلاف بينهم إلى التقاطع والتدابر والعراك .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

ومن استقرأ أحوال الفتن التي تجري بين المسلمين :
تبيَّن له أنه ما دخل فيها أحدٌ فحمد عاقبة دخوله ؛ لما يحصل له من
الضرر في دينه ودنياه ، ولهذا كانت مِن باب المنهي عنه ،
والإمساك عنها من المأمور به الذي قال الله فيه
( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) .

منهاج السنَّة النبوية ( 4 / 410 ) .

2. ومما يعين المسلم على تحصين دينه :
تقوية إيمانه ، بفعل الطاعات الواجبة ، وترك المنكرات المحرَّمة
ومن أعظم الطاعات الواجبة : الصلاة ، فيحافظ المسلم على إقامتها
في أوقاتها ، بشروطها ، وأركانها ، وخشوعها ،
قال تعالى :
{ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ }
العنكبوت/ من الآية 45 .

وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالقيام بعموم الطاعات للنجاة
من فتن الدين ، وحذَّر من فتن الدنيا كالمال والنساء والجاه أن
تكون سبباً ليبيع دينه من أجلها ، وأخبر أنه قد يكون المرء مسلماً
في الليل فيرتد في النهار ! أو يكون مسلماً في النهار فيرتد في الليل .

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا
وَيُمْسِي كَافِرًا ، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا ) .
رواه مسلم ( 118 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق