الاثنين، 30 أبريل 2018

مشكلة خطيبي النفسية (2)


أ. رضا الجنيدي

السؤال


♦ الملخص:
فتاة أرسلت استشارة سابقة ذكرتْ فيها أن رجلًا تقدَّم لخِطبتها،
ويريد من زوجته أن تكون مصدر الأوامر وهو المنفِّذ، لذا شكَّتْ أنه
مريضٌ نفسيًّا! والآن تُكمل هذه الفتاة سؤالها بمزيد من التفصيل..

♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
سبَق لي أن أرسلتُ إليكم استشارةً بعنوان مشكلة خطيبي النفسية (1)،
وجزى الله خيرًا المستشارة الفاضلة، وبارَك فيها؛ إذ جاء ردُّها في
الوقت المناسب، وهو الوقت الذي ما زلتُ أُفكِّر فيه في مصيري مع هذا
الخاطب، وسأعمَل بنصيحتها طبعًا؛ لأنها أقربُ إلى العقل والمنطق،
وأُريد أن أُضيف إلى المستشارة معلومةً نسيتُ أن أُدرِجَها في الاستشارة السابقة، وهي
أن الخاطبَ الذي حدَّثْتُكِ عنه قال لي - وهو يتحدَّث عن ضرورة إعطاء
المرأة التي سيتزوَّجها الأوامرَ له -: ولكن بشرط ألا تُفقدني
هذه الأوامرُ رجولتي وذُكورتي، هكذا قال.

وأريد أيضًا أن أَسألَ المستشارة في إمكانية إيجاد حلٍّ لحالته؛ ذلك أنه
أسلَم، وهذا أحرى أن نَجِدَ له حلًّا في الإسلام! فما رأيك؟

ثم إنه ليس شابًّا، فهو في العَقد السادس من عمره، وأبٌ لستة أبناء،
ولا يَنوي العيش في بلده، بل ينوي العيش في إحدى الدول العربية،
ويُحب الدعوة إلى الله، فهو كان يدعو إلى المسيحية مِن قبلُ، والآن
يريد الدعوة إلى الإسلام، من خلال تأليفه الكتبَ، وحديثه عب
ر الإنترنت في فيديوهات مباشرة، فهل هذه المعلومات التي
زوَّدتُكِ بها تفيدني؟!

وأريد الاستفسار عن اضطراب المازوخية، وماذا يعني؟
وهل مِن الممكن أن يُشفى مِن حالته؟ وهل يُمكن لشخصٍ مثلي أن
يُساعده، أو يجب عرضُه على طبيب نفسي؟ وماذا لو لم يعترف بأنه مريض،
ولم يَستجِب للعلاج؟
أظن أنه لا يعلَم بمرضه النفسي، فإن كان هذا هو مرضه
فهل مِن اللائق أن أُخبره بمرضه؟ وكيف أُخبره؟
الجواب

السلام عليكم ورحمة الله:
أختي، بدايةً بارَك الله فيكِ لحرصك الشديد على أخٍ لك في الإسلام؛
سواء تزوَّجتِه أم لا، أسأل الله أن يَرزُقَك الخيرَ، ويَصُبَّه عليكِ صبًّا.

بالنسبة إلى سؤالك عن اضطراب المازوخية، فإنه اضطرابٌ نفسي
يتجسَّد في الْتِذاذ المريض بالألم الواقع عليه من الآخرين، سواء كان
هذا الألم نفسيًّا أم جسديًّا، وهو عبارة عن مراحل ودرجات، أبسطها
أن يَميل المريض إلى أخذ الأوامر ممن حوله، وتتدرَّج لتَصِل إلى حد
أن يُحب المريض أن يوقِع الآخرون عليه الألَمَ الجسدي، ولا يتلذَّذ
ولا يَشعُر بالسعادة إلا بالوصول إلى تلك المرحلة، ولا أدري إن كان
هذا الخاطبُ قد وصَل إلى هذه المرحلة أم لا! ولكن على أي حالٍ فإن
وضعَه وكلامَه يدل على وجود خللٍ نفسي لديه، فإذا كان هذا الوضع
يقف عند هذا الحد فقط، مِن تلقِّي الأوامر من الزوجة، والعيش تحت
قدميها، فالأمر هنا متوقِّفٌ عليك أنتِ، فهل ستَسْعَدين مع رجل يتلقَّى
منكِ الأوامرَ، ولا تجدين غَضاضة في ذلك، أو أن ذلك سيُنفِّرك منه؟!
هل سيُمكنك العيش مع شخصية كهذه؟! هل يُمكنك العيش مع شخص
تكونين أنت المسؤولة عنه نفسيًّا وعن اتخاذ القرارات؟!

بعض الشخصيات لا تجد حرَجًا في ذلك، بل تُحب ذلك وتستمتع به،
ومِن ثَمَّ تعيش حياتها بشكل طبيعي مع مريض كهذا، وبعض
الشخصيات لا يُمكن أن تتحمَّل هذا الوضع،
فالأمر هنا يتوقف على نفسيَّتك، ومدى قَبولك للأمر!

كذلك عليك التأكد من أن هذا الوضع لا يتجاوز هذه الحدود لديه،
وأنا أَلتمِس فيه نوعًا من الصدق والصراحة والوضوح، فيُمكنك أن
تتأكدي من ذلك، من خلال والدك أو وليِّ أمرك، وأَنصَحُك أن يكون
السؤال منهم هم، وليس منكِ أنتِ؛ لتتأكدي هل هذا الخاطب يستمتع
بالأذى البدني والجسدي أو لا، مع ملاحظة أن هذا الاضطراب إذا
كان شديدًا، فإن الأمر لا يقفُ عند هذه الحدود، بل يمتد إلى العلاقة الزوجية
التي يُحب فيها المريض من زوجته أن تقوم بإيذائه بدنيًّا، أو إهانته
أثناء العلاقة الزوجية الخاصة، فالأمر يحتاج بالفعل إلى معرفة دقيقة،
وعدم المخاطرة.

أمَّا بالنسبة إلى العلاج،
يعترفَ المريض بوجود مشكلة لديه حتى يُعالَجَ منها، وإن كنتُ أرى
أنه في هذا العمر ربما لا يَميل إلى العلاج النفسي، إلا إذا كان شخصًا
ناضجًا واعيًا، ويريد تغيير نفسه بالفعل، أما بخصوص أن تُساعديه في هذا الأمر،
فهذا يتوقف على شيئين:
الأول:
مدى حِدَّة المرض، فلو كان متوقفًا عند حد الأوامر فقط، فيُمكنك
ذلك بمزيدٍ من الوعي ومعرفة التعامل، والقراءة عن هذا المرض،
وكيف تقومين بعلاج المريض علاجًا معرفيًّا سلوكيًّا.
الثاني:
يتوقف على رغبة الفرد نفسه في العلاج، ومساعدته لكِ في ذلك.

أما بخصوص أن يَجد علاجًا له في الإسلام، فلو حَسُنَ إسلامُه بالفعل،
وتعمَّق في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ومواقفه، ومواقف الصحابة
وتعامُلهم مع أمور الحياة، وحاوَل أن يقتدي بهم، فسيُساعده ذلك كثيرًا.
أخيرًا، عليك الاستخارةَ قبل الإقدام على أي خُطوةٍ، وفَّقكِ الله لاختيار
الخير
ورزَقك السعادة في الدارين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق