الأحد، 4 نوفمبر 2018

مريضة نفسيًّا فهل أستطيع الزواج؟ (2)

مريضة نفسيًّا فهل أستطيع الزواج؟ (2)


ولنبدأ من النُّقطة الأولى:
المريض النفسي قادرٌ على مُمارَسة حَياته بشكلٍ طبعيٍّ لو اعتَنَى بنفسه،
واهتمَّ بعِلاجاته؛ ربما لأنَّك الآن بنوبةِ اكتئابٍ تَشعُرين بهذا،
لكنَّك حينما تُجاوزينها سيكونُ الأمر أسهلَ، المهمُّ أنْ تكوني مستمرَّة
بعِلاجك، وأنْ تُتابِعي بشكلٍ دوري عند طبيبٍ نفسي، وألا تقصري
بالأدوية أبدًا، فمرَضُك يحتاجُ دومًا دواءً للوقاية لو لم يكن للعِلاج،
قيسي ذلك على مريض السكري أو الضغط؛ هو نقص عضوي،
ويحتاجُ إلى متابعة دوائيَّة، وقطعُ الدواء قد يكونُ له خطورةٌ عليك
وعلى نفسيتك؛ فعدم الانتظام به يُعرِّضك للنكسات أكثَر!
أنت أيضًا بحاجةٍ للعِلاج المعرفي مع العِلاج الدَّوائي؛
لتكوني قادرةً على استِعادة الثقة بنَفسِك والعودة للمجتمع والإنجاز.

كونُك تشعُرين بداخِلك بالمسؤوليَّة، وواعيةً لوضْعك وحالتك،
وهذا ما لمستُه من أسلوبك وكتابتك، فلا تقلقي؛
أنت قادرةٌ - بإذْن الله - على تجاوُزِها.

راحتُك مهمَّة أيضًا، ليس راحتك له كشخصٍ ولأهله فحسْب،
بل لدُخولك الحياةَ الزوجيَّة ككلٍّ، أكثِري من الاستِخارة والدعاء،
وثِقي أنَّ الزواج رزقٌ، وأنَّ أحدًا لن يمنَعَه عنك أو يجبرك عليه.

لو وجدت أنَّك قادرةٌ على دُخول تجربة الزواج نفسيًّا، طبعًا بعد أنْ
تتَّخِذي الأسبابَ وتهتمِّي بنفسك، وقتَها انتَقِلي لفِكرة إخبارِه أو لا،
أمَّا لو وجدت أنَّك أبدًا غير قادرة على تقبُّل الفكرة، فلا تجعَلِي خوفك
من شبح العُنوسة وتهديد والدتك سببًا أنْ تدخُلي حياةً ترفُضينها،
وغير قادرةٍ على الاستمرار بها، المشكلة أنَّنا أحيانًا كثيرة نخافُ
من أمرٍ مستقبلي قد لا يحدُث، فنُوقِع أنفُسَنا بمطبَّات أكبر!

أمَّا لو وجدت الراحة بنفسك وانتهيتُم من السؤال عنه،
والتأكُّد من أخلاقه ودِينه، فوقتَها سيتبقَّى عليك التفكير بالطريقة
المناسبة لإبْلاغه بمرضك، ويختلفُ ذلك حسَب طبيعته وطبيعة أهلِه،
لكنْ يمكنكم أنْ تُركِّزوا على إبلاغِه هو فقط دُون أهله، ولا تُعطوه
التفاصيل من البداية، يَكفِي أنْ تُخبِروه أنَّ لديك مرضًا يحتاجُ رعايةً مثلاً،
وتُراقِبوا ردَّة فعلِه، ووفقَها يُمكِنكم المتابعة معه أو التوقُّف.

لا شَكَّ أنَّ المرض النفسيَّ من أقسى أشكالِ الابتلاء؛ ليس لشدَّته
أو قَسْوته على النَّفس فحسب، لكنْ لعدَم تقبُّل الناس له وفهمهم لحقيقته،
لكنَّه في الحقيقة مرضٌ كغيرِه من الأمراض العضويَّة،
فمريضُ السكري والضغط تتأثَّر حياته أيضًا، وفد تأتيه أيَّامٌ يُلازِمُ الفراشَ،
ولا يمكنه قطْع الدواء، وإلا عرَّض نفسه لمخاطر الانتكاس،
لكن الفرق أنَّه مريض مُحاط باهتِمام الناس وتفهُّمهم، بينما المريض النفسي
يُخبِّئ مرضه كمَن يُخبِّئ تهمةً يخشى أنْ تفضحه!

ثِقِي أنَّ الله الذي قدَّر عليك الابتلاء هو القادر وحدَه على أنْ يُخفِّفَه عنك؛
لذلك لا تهتمِّي كثيرًا لمواقف الناس من مرَضِك، ولا تجعَلِيها
هاجسًا تقلقين منه، تعامَلِي بثقةٍ، ومع الوقت ستفرضين على مَن حولك
احتِرامَك والثقة بك مهما كان مرضك.. انفُضِي عنك غُبارَ القلق،
وعُودِي للحياة من جديدٍ، ومارِسي الأعمالَ التي تَشعُرين أنَّها تُساعِدُك،
كونك كنت تحبِّين الرسم والأعمال الفنيَّة، ففرِّغي مشاعرك فيها،
أتعرفين أنها من الأدوات العلاجيَّة أيضًا؟ ويمكنك أنْ تساعدي نفسك كثيرًا من خِلالها.

استخيري، وتابعي الأمر ثم انظُري إلامَ سيصل؟ وثقي أنَّ الخير فيما اختاره الله.

وفَّقك الله وأسعدك بالدُّنيا والآخِرة

ننتظر أنْ تُطمئِنينا بما ستتَّخِذينه من قرارٍ،
وتُبشِّرينا بتجاوُزك لاكتئابك وعودتك للإنجاز - بإذن الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق