الجمعة، 23 أغسطس 2019

كيف تعلم طفلك تقدير قيمة المال دون أن يتعلم البخل

كيف تعلم طفلك تقدير قيمة المال دون أن يتعلم البخل


يشتكي أولياء الأمور من فقدان أولادهم لسلوك تقدير قيمة المال ،

وتزداد حدة الاستهانة به مع دخولهم في مرحلة المُراهقة التي تتملكهم فيها نزعة

الولع بتقليد الآخرين حتى وإن لم تتوافق تلك الممارسات مع الإمكانيات المادية للأسرة.



ما بين الحاجة إلى تدريب الأطفال على تقدير قيمة المال وما بين الخوف من انتهاجهم

البخل سلوكًا حياتيًا تتوه أساليب التربية وتتعدد المفاهيم الشخصية حول الموضوع،

وهو محور موضوعنا حول كيفية تعلم طفلك تقدير قيمة المال دون أن يتعلم البخل.





التوقيت الأمثل لتعلم الطفل تقدير قيمة المال

قد يعتقد أولياء الأمور أن تعلم الابن تقدير قيمة المال مع مجموعة من المهارات

الاقتصادية فيما يخص إدارته ودوره في الأزمات والطوارئ أمر لاحق

أو ليس من أولويات التربية في الطفولة، وهذا هو عين الخطأ ومربط المُشكلة.



فالمهارة التي لن يكتسبها الطفل مع بدايات إدراكه وتفاعله مع ما حوله ومن حوله؛

فلن يتشربها عند البلوغ أو الكبر، وذلك لأن ثمة نوازع نفسية كثيرة يتخبط

فيما بينها الأبناء، وأبرزها – كما ألمحنا – تقليد الأقران في طريقة معيشتهم المادية

حتى وإن لم تمتلك ذات اليد القدرة على مجاراتهم في ذلك.



والفيصل التربوي ههنا هو إرساء قواعد تقدير قيمة المال في وجدان الولد

مُنذ نعومة الأظافر، حتى إذا ما تعرض لما ينافيها في مرحلة المُراهقة تكون الغلبة

والنصرة لتلك القواعد والمفاهيم، مُشيحةً بتسلط تلك النزعات والنعرات على نفس الطفل.

ويُقصد بعبارة نعومة الأظافر هنا المرحلة التي يمتلك فيها الطفل القدرة على التعبير

عن رغباته وتطلعاته ومُيوله، بل ويتعدى فيها مجرد التعبير اللفظي إلى القرار بعدم التفاعل

والعند في التنفيذ لرفضه ما يُملى عليه، وما إذا كان الطفل ذو نمو بدني وعقلي

ونفسي طبيعي؛ فإن هذه المرحلة ستظهر بشائرها على تصرفات الطفل مع بلوغه

سن الأربع سنوات على أقصى تقدير إن لم يكن أبكر من ذلك بقليل.



بذلك يُصبح هذا السن هو التوقيت الأمثل لتعليم الطفل تقدير قيمة المال والحد من إسرافه

وكثرة طلباته، وأيضًا هو العمر الذي يسهل فيها غرس الأحاسيس والمشاعر

الإيجابية والمُقدِّرة لمجهود وتعب الوالدين في وظائفهما لجلب احتياجات الطفل

وتحقيق تطلعاته.



وما لم يهتم الوالدين بهذا الجانب التربوي، أو تأخر اهتمامهم،

أو استهانوا أصلًا واعتبروه من الفروع المُهملة أو المُؤجلة؛ فلا لوم على الطفل

في استهانته بتقدير قيمة المال، خاصةً وأن تلك الاستهانة غير محدودة،

بمعنى أنها إن بدأت فستتفاقم بمرور عمر الطفل وصولًا إلى منتهاه،

بل إنها سُتلقي بتبعاتها السلبية على حياة الولد في إدارة أموره وأزماته حتى

وهو عاقلًا رشيدًا صاحب دخل مادي خاص.



كيفية تعليم الطفل تقدير قيمة المال

أشرنا إلى أن إهمال الوالدين غرس تقدير قيمة المال في نفس الطفل مُنذ الصغر

يُلاما هما فيه وليس هو، فكيف نلوم الضحية الذي لم يُعلمه أحد الإحساس بمشقة

المجهود المبذول لجلب المال؟! وكيف نُعنِّف من لم يُساهم أحد في توعيته بكيفية

الادخار وتخطيط مِيزانيته؟!



غرس قيم تقدير قيمة المال في عقل ووجدان الطفل يُعد أمرًا برمته سهل ولا يحتاج

مجهودٍ مُضاعف في التربية أو التوجيه، بيد أن الحد الدقيق الفاصل بين تعليم الطفل

تقدير قيمة المال وبين دفعه لانتهاج البخل والشُح سلوكًا حياتيًا هو الأكثر إرهاقًا

ويحتاج إلى مزيدٍ من الحذر والتدقيق في كل لفظة يُوجَّه بها الطفل.



خصوصًا وأن صفة البخل تتعزز بالتعلم البصري والاحتكاك، بمعنى أن الاقتداء

بتصرفات الأهل في التعامل مع المال هو العامل الوحيد في إرساء صفة البخل

وتنميتها وحبها أو مقتها وذمها وذم صاحبها.

تأسيسًا على ذلك وضعنا لكم 10 خطوات منهجية مفادها في النهاية تربية الطفل

على تقدير قيمة المال، وفي نفس الوقت نبذ البخل وكرهه.



10 خطوات لتعليم الطفل تقدير قيمة المال

الخطوة الأولى: العمر المُناسب للتعليم

بمجرد بلوغ الطفل سن الرابعة من العمر عليه تعلم الفرق بين بين فئات العملات

النقدية شكلًا وقيمةً شرائية.



الخطوة الثانية: إدراك القيمة الشرائية

ما إن يدرك الطفل القيمة الشرائية للعملات النقدية يُخصص له مصروفًا يوميًا ثابتًا،

وفي البداية يَعِفّ الوالدان عن إبداء أي آراء أو توجيهات في آلية صرفه انتظارًا

لكشف طريقة تعامل الطفل معه.



الخطوة الثالثة: التوجيه

بعد فترة زمنية بسيطة من تخصيص مصروف مالي للطفل وملاحظة طريقة تعامله

معه والإمساك بجوانب التعامل الإيجابية والسلبية يبدأ التوجيه البسيط اللطيف،

ومن ثَم انتظار النتائج، وهكذا بالتكرار إلى أن يعي ويُنفذ الطفل كل التوجيهات

والإرشادات المُفيدة لحسن إدارة المصروف وتقدير قيمة المال.



الخطوة الرابعة: اقتناء حصَّالة

عند نقطة وعي الطفل الكامل بقيمة المال نقوم باقتناء حصَّالة صغيرة ذات شكل

جذاب وألوانٍ مُحببه إليه وقفلٍ مُحكم الغلق، بل ويفضل أن يقوم هو باختيارها،

على أن تكون هذه الحصَّالة بمثابة الهدية التشجيعية لحسن إدارته للنقود مُنذ

لحظة تخصيص المصروف له، وإمعانًا في التشجيع يُقدم له فيها مبلغ من المال.



الخطوة الخامسة: مهارة تقسيم المصروف اليومي

ما إن يمتلك كل طفل حصَّالته الخاصة حتى يبدأ الوالدان في تشجيع مهارة تقسيم المصروف

اليومي إلى ثلاثة، ثلث للنفقات الترفيهية، وثلث للنفقات الضرورية – إن وجدت

والمطلوبة لتنمية موهبة عند الطفل كاقتناء الكتب أو شراء مُتعلقاتٍ مدرسية

أو ألوان للرسم أو.. أو…، والثلث الأخير للحصالة.

ثم يتم تحديد تاريخ ثابت لفتح حصالة كل ابن، وليكن مرة واحدة في نهاية كل شهر،

فهذا مما يُساعد في اتقاد حماسة الأولاد نحو الادخار، مع إمكانية تخصيص مكافأة

مالية بسيطة لمن ادخر الجزء الأكبر من مصروفه، بشرط عدم المبالغة في المُقارنات

بين الأخوة حتى لا يفقد صاحب المبلغ الأقل ثقته بذاته.

مع ضرورة التأكيد على أن ادخار المبلغ الأكبر لا يعني البخل على النفس أو الآخرين

قنصًا للجائزة، ولكن لا بد وأن يتم الادخار من بعد استيفاء المُتطلبات الضرورية،

ومن خلال استبعاد فضول الإنفاق على الطعام والشراب وتوافه الأمور.

وينبغي وضع خطط مُسبقة قبل ميعاد فتح الحصالة، لأن فكرة التوفير لتجميع المال

لها مساوئها، أدناها الشعور بالملل لعدم وجود هدف من جمع المال،

وأعلاها التشجيع على البخل، لكن علم الطفل بالهدف من وراء الادخار

سيحببه في هذه الممارسة، كما أنه سيُعزز في وجدانه تقدير قيمة المال حيث سينظر إليه

على أنه يحقق له أهدافه وطموحه وليس مجرد كنز المال لمجرد الكنز والجمع،

فضلًا عن دور ذلك في تعزيز صفة الصبر.



وتجدر الإشارة إلى ضرورة أن يكون واحدًا من هذه الأهداف بل ويأخذ شكل التواتر

والاستمرارية الشهرية هدف التبرع وبذل المال للغير، وليكن بواقع ثلث إجمالي

المبلغ المُدَّخر طوال الشهر، وذلك لتنمية سلوك العطاء والمُشاركة المجتمعية.



الخطوة السادسة: مُشاركة الطفل جولات التسوق

ببلوغ الطفل سن السابعة يمكن اصطحابه في جولات التسوق ليتعرف على آليات

اختيار السلع من حيث الأجود صنعًا وأقل قيمة مالية توفيرًا للأسرة



الخطوة السابعة: مشاركته الطفل في إعداد قوائم التسوق

ببلوغ الطفل سن الثامنة يُمكن مُشاركته في إعداد قوائم التسوق قبل الخروج إلى السوق،

مع ترك مساحة له لإبداء رأيه في إضافة أصناف قد يراها هو أساسية للمنزل،

أو حذف أصناف قد يرى أنها كمالية والأسرة في غير حاجة لها تقديرًا لقيمة المال.



الخطوة الثامنة: مشاركة الطفل تخطيط الميزانية

بمرور الوقت ينبغي مشاركة الطفل في رسم وتخطيط الميزانية الشهرية للأسرة،

حيث يكون قد اكتسب القدرة من مقارنة الأسعار والتعرف على احتياجات الأسرة

الأساسية والترفيهية من خلال جولاته في السوق وإعداده لقوائم التسوق،

مع الأخذ برأيه فعليًا وتنفيذ جزءً مما أبداه ليلمس بنفسه ثمرة تفكيره وآراءه.



الخطوة التاسعة: تكليف الطفل بمهام تنسيق الفواتير الاستهلاكية

ينبغي تكليف الطفل بمهمة ترتيب وتنسيق الفواتير الاستهلاكية الشهرية الدائمة

مثل فواتير الإيجار واستهلاك الماء والكهرباء والغاز الطبيعي والهاتف… إلخ،

وتدريبه على الاحتفاظ بها في الملف المُخصص لها وفي المكان المُناسب

الذي يسهل الرجوع إليه في أي وقت.



الخطوة العاشرة: حساب بنكي باسمه

ما إن يصل الطفل إلى مرحلة المراهقة يتوجب عمل حساب بنكي باسمه،

تشجيعًا على الادخار، وتأكيدًا على امتلاكه تقدير قيمة المال.

أخيرًا يجب أن يعتاد الطفل الحصول على المال مقابل عمل أداه،

مثل النجاح في المقررات الدراسية أو مساعدة الأسرة أو.. أو..، وذلك لمحو فكرة

سهولة الحصول على المال دون عناء أو تعب من مخيلته.



تعليم الطفل التصرف بحكمة في إدارة مصروفه مُنذ السن الصغير يزيد من تقديره

لقيمة المال، بل يعد مساعدًا في تعزيز الثقة بالنفس والشعور بالمسؤولية والاستقلالية

في اتخاذ القرارات عند البلوغ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق