الخميس، 5 أغسطس 2021

موسوعة المؤرخين (98)

 موسوعة المؤرخين (98)


عمر فروخ وجهوده في خدمة التاريخ الإسلامي (01)

تعريف التاريخ عند فروخ
"التاريخ" كما يُعرِّفُه عمر فروخ رحمه الله: "رواية: ينقله راوٍ متأخِّرٌ
عن راوٍ متقدِّم، وفي مسير أحداث التاريخ، من راوٍ إلى آخر، تتعرَّض تلك
الأحداث للتبديل أو للزيادة والنقصان، ثم إنَّ الأحداث التي يُشاهدها المؤرِّخ
بنفسه ثم يُدوِّنها بنفسه -أيضًا- تتعرَّض -في المدَّة التي تنقضي
عادةً بين مشاهدة الحدث وتدوينه- لمثل ذلك: للتبديل أو للزيادة
والنقصان، ثم هنالك حوادث مصنوعة لم تجرِ في الاجتماع الإنساني قط،
أو لم تجرِ على الصورة التي وصلت إلينا؛ من ذلك الخرافات، وإن كانت
في أصلها حادثة صحيحة رُوِيَت روايةً خاطئة".

والأحداث المصنوعة في تاريخ الأمم كثيرةٌ جدًّا، من ذلك التاريخ
اليهودي، كما يُروى في التوراة الموجودة بأيدي الناس. ويذكر عمر
فروخ رحمه الله أنَّ نفرًا من المؤرِّخين -في القرن التاسع عشر- قسَّموا
شعوب العالم أقسامًا ثلاثة، ثم نسبوهم جميعًا إلى أولاد نوحٍ الثلاثة: سامٍ
وحامٍ ويافث، غير أنَّه أثبت أنَّ ليس من المقـبول في العقل، ولا من
المعروف في العـلم، ولا من المشاهد في الاجتماع الإنساني، أن يخرج
من نسل رجلٍ واحدٍ شعوبٌ تختلف صفاتها الجسديَّة وخصائصها اللغويَّة
اختلافًا بيِّنًا، كالمشاهد بين الزنوج والجرمان، أو بين الصينيِّين والعرب،
وعزا ذلك إلى أنَّ المؤرخين قبلوا ما في الرواية المذكورة في التوراة
الموجودة بأيدي الناس على ما فيها من المطاعن.

لذلك اهتمَّ عمر فروخ رحمه الله بالتاريخ، وكتب فيه الكثير من
المؤلَّفات التاريخـيَّة، درس فيها تاريخ العرب والدولة الأموية، ومكانة
مصر في مستقبل العالم العربي، وتاريخ سوريا ولبنان، وتاريخ المغرب
العربي، والباكستان، وسواها من الدراسات التاريخية المميزة، التي يغلب
عليها التحليل والتعليل وفلسفة الأحداث والتطوُّرات، وناقش فيها
نظريَّة تعليل التاريخ وتجديده.

وكان حريصًا على التأكيد أنَّ التعليم عامَّة وكتب التاريخ خاصَّة يجب
أن تسمو عن أهداف التعصُّب والأحقاد والاستغلال، كأنْ يُستغل التعليم من
أجل غاياتٍ لا علاقة لها بالعلم، مقدِّمًا نماذج عن كتابات التاريخ والأدب
المعادية للعرب، فوضع عددًا من كتب التاريخ، لجميع المراحل الدراسيَّة
بلبنان، لمواجهة حركة التزوير ضدَّ العرب والعروبة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق