الأربعاء، 23 نوفمبر 2022

 ايمانيات 21

 ايمانيات 21




لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه

إنها قسوة لم تأت من فراع , ولكن تأتي بظلم الإنسان نفسه ,

عندما يستصغر المعصية فيتبعها بأخرى ويتمادى في التعدي على حدود الله –تعالى – حتى يغطي قلبه الران الذي ذكره الله في كتابه فقال

" كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون " .

فحينئذ لا تسمع لناصح ولا تتأثر بتذكرة من حولها ,

وهذه مشكلة يجدها كثير من الدعاة عندما يقدم النصح والتذكرة للبعض ,

فيطالب بفعل الصالحات وترك المنكرات فيجد التراخي وعدم الانقياد والاستسلام



والسبب أنه لم يصلح الداخل حتى يصطلح الخارج والظاهر ,

فكان ينبغي أولا اصلاح القلب وتنظيفه لأن صلاحه عائد على صلاح الظاهر .

وقد وضح لنا النبي صلى الله عليه وسلم ذلك عندما قال

" ألا وان في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله

وإذا فسدت فسد الجسد كله , ألا وهي القلب " .

فالخشوع محله القلب , فإذا خشع خشعت الجوارح لخشوعه ,

وكما في الاثر " لو خشع قلب هذه لخشعت جوارحه " .

وقد يشتكي البعض جرأتهم على حدود الله تعالى وإتباع جوارحه في تلك الجرأة ,

فلا تتوقع أن يأتيك الخشوع بين يوم وليلة لكن الأمر يحتاج

إلى تدريب مستمر حتى ينتقل القلب تدريجيا من القسوة إلى اللين .

ومن الأمور التي تلين القلوب :

1 أن يعرف العبد ربه , فقد يكون أعظم سببا للين القلوب أن يعرف العبد ربه بأسمائه

وصفاته , يعرفه بتأملاته وتفكره , فما من شيء في هذا الكون إلا ويذكره به سبحانه , فما من عبد عرف الله تعالى إلا وجدته خاشع القلب , سباقا إلى الخير , مشمرا في الطاعات , متمتعا بفعلها , وما من عبد عرف ربه إلا وجدته أبعد ما يكون عن معصيته .



2 المحافظة على الصلوات في مواعيدها , فلا يأتي ظهر على عصر ولا مغرب على عشاء , فهي الصلة بينه وبين ربه , وهي المنهية عن الفحشاء والمنكر , وهي الدافعة إلى الصالحات



3 ذكر الله تعالى دائما , فمن كان لاهيا عن ذكر الله تعالى طوال اليوم فمن الصعب أن ينتقل فجأة إلى الخشوع , فالذكر باب الخشوع , وهو المهيىء النفسي والقلبي له ,

"قال رجل للحسن : يا أبا سعيد ,أشكو إليك قسوة قلبي , قال : أذبه بالذكر "



4 قراءة القرآن ايضا من المطهرات الآكدة للقلب العائدة أثرها على الجوارح لقوله تعالى

" الله أنزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله , ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد "

الزمر 23

ولا شك أن صلاح القلب بقوة تقواه ,

ولقد بين النبي صلى الله عليه وسلم فقال

" التقوى ههنا وهو يشير إلى صدره وهو موضع القلب " رواه مسلم .
ولنتأسى وننظر كيف كانت القلوب الفريدة ..

ولما اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه ,

قال لأهل بيته أن يأمروا أبا بكر ليصلي بالناس ,

فقالوا يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف إذا قرأ القرآن بكى .

فقد اختاره النبي صلى الله عليه وسلم للخلافة بعده لتلك الصفات الفريدة وحياة قلبه ورقته .

فلنحاول أن نأخذ بزمام أنفسنا ونخلص قلوبنا من قسوتها ,

تلك القسوة التي باعدت بين العباد وبين الانقياد والاستسلام لطاعة الله تعالى ,

وباعدت بينهم وبين الخشوع لله سبحانه , والتي تنفر الأولاد من أبيهم ,

والطالب من أستاذه , والعامل من رئيسه والصاحب من صاحبه ,,,

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق