الأربعاء، 14 نوفمبر 2012

بنت وأبوها


بنت وأبوها

من كتاب المحاسن والمساوئ

كان المأمون وجد على قائد من قواده فاستصفى ضياعه وداره وأنهب دوابه وماله، وكان شيخاً فانياً ولم يكن له من الولد إلا بنية صغيرة، فأجمع أن يضرب في الأرض ويطلب من فضل الله جل وعز ويخلّف بنيته فبكت الابنة وقبضت على أبيها وقالت:
اقنع بما آتاك الله واصبر على محن الزمان ونوائب الدهر والزم الوطن وارحم وحدتي وضعفي وقلة حيلتي أو اذبحني فلا أُبتلى بفراقك .
فبكى الشيخ وقال :

تقـــول ابنتي لما أردت وداعها ... وقد حضرتني نيةٌ ورحيل
لعـــل المنايا في رحالك تنبري ... لنفسك ختلاً أو تغولك غول
فتتركني أدعى اليتيمة بعــــدما ... تبين وعزّي بعد ذاك ذليل
أفـــي طلب الدنيا وربك بالذي ... تسير له راعٍ عليك كفيل
أليس ضعيف القـــوم يأتيه رزقه ... يُساق إليه والبلاد محول
ويحرم جمع المال مــن قد يرومه ... يكدّ عليه رحله وحلول
فلوكنت في طودٍعلى رأس هضبةٍ ...لهانجفٌ فيه الوعول تقيل
مضعّدة لا يستطــــاع ارتقاؤها ... ولا لنزولٍ يستطاع سبيل
إذاً لأتاك الرزق يحـــدوه سائقٌ ... حثيثٌ ويهـــديه إليك دليل

فنمى الخبر إلى المأمون، فدعا بالشيخ فاستنشده شعره فأنشده فرقّ له وأمر بردّ جميع ما أخذ منه وأعاده إلى مرتبته وزاده من عنايته.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق