الجمعة، 1 فبراير 2013

رفع اليدين و المصافحة بعد الصلاة

 
الســــؤال :
 
سأل السائل :
 
يقول : بعد السلام من الصلاة و بعد ختم الصلاة يرفع بعض الإخوة أيديهم بالدعاء ،
 فهل هذا مستحب أم جائز أم مكروه مع العلم أنهم لا يمسحون و جوههم بأيديهم ،
 و بعد هذا الدعاء قد يصافح جار جاره في الصف على أنه لم يره منذ أيام و هم جالسون ،
 فهل هذه المصافحة أيضا من المسنونات أم هي بدعة ؟
أفيدونا أفادكم الله .
 
الإجــابــة :
 
رفع اليدين بالدعاء من أسباب الإجابة ،
و قد دلت الأدلة الشرعية من الأحاديث الصحيحة على أن رفع اليدين سنة في الدعاء
و من أسباب الإجابة ،
و من ذلك الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في الصحيح ،

يقول صلى الله عليه و سلم :
 
( إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا ) ،
 
و إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى :
 
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ }
   
و قال تعالى :
 
{ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا }
 
( ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ، يمد يديه إلى السماء :
 يا رب ، يا رب . و مطعمه حرام ، و مشربه حرام و ملبسه حرام ،
 و غذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ؟ )
 
فجعل رفع اليدين من أسباب الإجابة لولا تعاطيه الحرام ،
و هكذا الحديث الآخر و هو حسن لا بأس به ،
 
يقول النبي صلى الله عليه و سلم :
 
( إن ربك حيي كريم ، فيستحي من العبد إذا رفع يديه إليه
أن يردهما صفرا )
 
هذا يدل على أنه من أسباب الإجابة ، و في الباب أحاديث كثيرة دلت
على أنه صلى الله عليه و سلم كان يرفع يديه في الدعاء عليه الصلاة و السلام ،
و من ذلك دعاؤه في الاستسقاء ، كان يرفع يديه و يبالغ عليه الصلاة و السلام ،
و هكذا في أحاديث كثيرة دعا لقوم فرفع يديه و دعا لآخرين فرفع يديه ، فرفع اليدين سنة .
 
لكن بعض المواضع التي ما رفع فيها النبي صلى الله عليه و سلم لا يرفع فيها هي سنة ،
لكن أي موضع وجد في عهده صلى الله عليه و سلم و لم يرفع فيه لا نرفع فيه
تأسيا به صلى الله عليه و سلم ؛ لأن تركه سنة و فعله سنة عليه الصلاة و السلام ،
مثلا الفريضة إذا سلم منها لا يرفع يديه ، إذا دعا بعد السلام ،
و لا قبل السلام حين دعائه قبل أن يسلم في آخر التحيات ، لا يرفع يديه ،
و هكذا بين السجدتين ، إذا دعا : رب اغفر لي ، لا يرفع يديه ؛
لأن الرسول ما رفع في هذا عليه الصلاة و السلام ،
هكذا في خطبة الجمعة ما رفع عند خطبته صلى الله عليه و سلم إذا دعا ،
و خطبة العيد و إنما رفع في الاستسقاء لما خطب و لما دعا في الاستسقاء رفع يديه ،
فنرفع كما رفع عليه الصلاة و السلام ،
أما صلاة النافلة إذا دعا بعدها و رفع يديه فلا حرج ،
لكن إذا ترك ذلك بعض الأحيان حتى لا يظن أنه سنة دائمة يكون حسنا ؛
لأنه لم يحفظ عنه صلى الله عليه و سلم أنه كان يواظب على رفع اليدين بعد النوافل ،
فإذا رفع بعض الأحيان فحسن ، و هكذا المصافحة لجاره عن يمينه و شماله سنة ؛
لأن الرسول صلى الله عليه و سلم شرع المصافحة للأمة ،
و المصافحة من أسباب مغفرة الله للذنوب ، و كان الصحابة إذا تلاقوا تصافحوا ،
فإذا لقي أخاه في الصف صافحه ،
و إذا دخل في الصف و لم يصافحه حتى صلى الفريضة أو صلى الراتبة صافحه ،
هذا السنة ؛ لأنها من أسباب الألفة و المحبة ، و إزالة الشحناء ،
فكونه يصافحه بعد النافلة أو بعد الفريضة ،
إذا كان ما صافحه قبل ذلك حين تلاقيا في الصف فهذا كله سنة ، و لا بأس به .
أما مسح الوجه بالدعاء فقد ورد فيه أحاديث ضعيفة ، تركه أولى ،
و قد جمع بعض أهل العلم بأنها لتعددها يشد بعضها بعضا ،
و تكون من قبيل الحسن لغيره كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في البلوغ في آخره عند ذكر الدعاء .
ذكر أن مجموعها يقضي بأنه حديث حسن ،
و لكن في هذا القول نظر ؛ لأنها ضعيفة ، و الأحاديث الصحيحة ليس في مسح الوجه ،
فالرسول صلى الله عليه و سلم دعا في مواضع كثيرة في الاستسقاء
و في غير الاستسقاء و لم يحفظ عنه أنه مسح وجهه عليه الصلاة و السلام ،
و الأفضل الترك ، الأفضل و الأحسن الترك ،
و إن مسح اعتمادا على قول من قال :
 إن الحديث حسن في المسح فلا حرج عليه إن شاء الله .
و المصافحة على أنها عبادة بعد الصلاة مباشرة لا بأس بهذا ؛
لأنها من وسائل المحبة و الألفة و إزالة الشحناء ،
و كان الصحابة إذا تلاقوا تصافحوا ،

يقول أنس رضي الله تعالى عنه :
 
[ كان أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم إذا تلاقوا تصافحوا ،
و إذا قدموا من سفر تعانقوا ]
 
كانوا يصافحون النبي صلى الله عليه و سلم ، ويصافحهم عليه الصلاة و السلام ،
فالمصافحة عند اللقاء سنة و من أسباب الألفة و المحبة ،
و لو أن إنسانا لقي أخاه و لم يصافحه لكان ذلك من أسباب الوحشة ، و لأستنكر ذلك ،
و قال : ما شأنه ، ما باله ، لماذا ؟
المقصود أن هذا هو المعروف بين المسلمين المصافحة عند اللقاء
و السؤال عن الحال و العيال ، كل هذا أمر معروف و من أسباب الألفة و المحبة .
و لا يشترط لذلك فاصل عند اللقاء في الطريق ، في الصف بعد الصلاة ، بعد الصلاة ،
 بعد الفريضة ، بعد النافلة ، يتصافحان .
و لا حرج لو دخلت أنت و هو المسجد و جلستما ، ثم بعد تأدية الصلاة صافح بعضكم بعضا ،
 لكنه ما هو متأكد في هذا لأنكما دخلتما جميعا ، لكن لو صافحته فلا بأس ؛
لأن الشغل بالصلاة شغل ، و الصلاة فيها شغل عظيم ،

و لهذا قال صلى الله عليه و سلم :
 
( إن في الصلاة لشغلا )
 
و الرسول صلى الله عليه و سلم لما سلم عليه الأعرابي الذي دخل المسجد
و صلى و نقر الصلاة سلم عليه مرات فرد عليه السلام ،
و هو عنده صلى ثم سلم

فرد عليه السلام ، و قال :
 
( ارجع فصل فإنك لم تصل )
 
ثم رجع فسلم عليه فرد عليه السلام و هو ينظر إليه قريب منه ، ينظر على صلاته ،
و لم يقل له : سلمت أولا ، يكفي السلام الأول ،
اللهم صل و سلم عليه و على آله و صحبه أجمعين .
 
و بالله التوفيق ،
و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق