الســــؤال :
سأل السائل :
يقول : بعد السلام من الصلاة و بعد ختم الصلاة يرفع
بعض الإخوة أيديهم بالدعاء ،
فهل هذا مستحب أم جائز أم مكروه مع العلم أنهم
لا يمسحون و جوههم بأيديهم ،
و بعد هذا الدعاء قد يصافح جار جاره في الصف
على أنه لم يره منذ أيام و هم جالسون ،
فهل هذه المصافحة أيضا من المسنونات أم هي بدعة
؟
أفيدونا أفادكم الله .
الإجــابــة :
رفع اليدين بالدعاء من أسباب الإجابة ،
و قد دلت الأدلة الشرعية من الأحاديث الصحيحة على أن
رفع اليدين سنة في الدعاء
و من أسباب الإجابة ،
و من ذلك الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في الصحيح
،
يقول صلى الله عليه و سلم
:
( إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا )
،
و إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال
تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ
طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ }
و قال تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ
وَاعْمَلُوا صَالِحًا }
( ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ، يمد يديه إلى
السماء :
يا رب ، يا رب . و مطعمه حرام ، و مشربه حرام و
ملبسه حرام ،
و غذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ؟
)
فجعل رفع اليدين من أسباب الإجابة لولا تعاطيه الحرام
،
و هكذا الحديث الآخر و هو حسن لا بأس به
،
يقول النبي صلى الله عليه و سلم
:
( إن ربك حيي كريم ، فيستحي من العبد إذا رفع يديه
إليه
أن يردهما صفرا )
هذا يدل على أنه من أسباب الإجابة ، و في الباب
أحاديث كثيرة دلت
على أنه صلى الله عليه و سلم كان يرفع يديه في الدعاء
عليه الصلاة و السلام ،
و من ذلك دعاؤه في الاستسقاء ، كان يرفع يديه و يبالغ
عليه الصلاة و السلام ،
و هكذا في أحاديث كثيرة دعا لقوم فرفع يديه و دعا
لآخرين فرفع يديه ، فرفع اليدين سنة .
لكن بعض المواضع التي ما رفع فيها النبي صلى الله
عليه و سلم لا يرفع فيها هي سنة ،
لكن أي موضع وجد في عهده صلى الله عليه و سلم و لم
يرفع فيه لا نرفع فيه
تأسيا به صلى الله عليه و سلم ؛ لأن تركه سنة و فعله
سنة عليه الصلاة و السلام ،
مثلا الفريضة إذا سلم منها لا يرفع يديه ، إذا دعا
بعد السلام ،
و لا قبل السلام حين دعائه قبل أن يسلم في آخر
التحيات ، لا يرفع يديه ،
و هكذا بين السجدتين ، إذا دعا : رب اغفر لي ، لا
يرفع يديه ؛
لأن الرسول ما رفع في هذا عليه الصلاة و السلام ،
هكذا في خطبة الجمعة ما رفع عند خطبته صلى الله عليه
و سلم إذا دعا ،
و خطبة العيد و إنما رفع في الاستسقاء لما خطب و لما
دعا في الاستسقاء رفع يديه ،
فنرفع كما رفع عليه الصلاة و السلام ،
أما صلاة النافلة إذا دعا بعدها و رفع يديه فلا حرج ،
لكن إذا ترك ذلك بعض الأحيان حتى لا يظن أنه سنة
دائمة يكون حسنا ؛
لأنه لم يحفظ عنه صلى الله عليه و سلم أنه كان يواظب
على رفع اليدين بعد النوافل ،
فإذا رفع بعض الأحيان فحسن ، و هكذا المصافحة لجاره
عن يمينه و شماله سنة ؛
لأن الرسول صلى الله عليه و سلم شرع المصافحة للأمة ،
و المصافحة من أسباب مغفرة الله للذنوب ، و كان
الصحابة إذا تلاقوا تصافحوا ،
فإذا لقي أخاه في الصف صافحه ،
و إذا دخل في الصف و لم يصافحه حتى صلى الفريضة أو
صلى الراتبة صافحه ،
هذا السنة ؛ لأنها من أسباب الألفة و المحبة ، و
إزالة الشحناء ،
فكونه يصافحه بعد النافلة أو بعد الفريضة ،
إذا كان ما صافحه قبل ذلك حين تلاقيا في الصف فهذا
كله سنة ، و لا بأس به .
أما مسح الوجه بالدعاء فقد ورد فيه أحاديث ضعيفة ،
تركه أولى ،
و قد جمع بعض أهل العلم بأنها لتعددها يشد بعضها بعضا
،
و تكون من قبيل الحسن لغيره كما ذكر ذلك الحافظ ابن
حجر في البلوغ في آخره عند ذكر الدعاء .
ذكر أن مجموعها يقضي بأنه حديث حسن ،
و لكن في هذا القول نظر ؛ لأنها ضعيفة ، و الأحاديث
الصحيحة ليس في مسح الوجه ،
فالرسول صلى الله عليه و سلم دعا في مواضع كثيرة في
الاستسقاء
و في غير الاستسقاء و لم يحفظ عنه أنه مسح وجهه عليه
الصلاة و السلام ،
و الأفضل الترك ، الأفضل و الأحسن الترك ،
و إن مسح اعتمادا على قول من قال :
إن الحديث حسن في المسح فلا حرج عليه إن شاء
الله .
و المصافحة على أنها عبادة بعد الصلاة مباشرة لا بأس
بهذا ؛
لأنها من وسائل المحبة و الألفة و إزالة الشحناء ،
و كان الصحابة إذا تلاقوا تصافحوا
،
يقول أنس رضي الله تعالى عنه
:
[ كان أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم إذا تلاقوا
تصافحوا ،
و إذا قدموا من سفر تعانقوا
]
كانوا يصافحون النبي صلى الله عليه و سلم ، ويصافحهم
عليه الصلاة و السلام ،
فالمصافحة عند اللقاء سنة و من أسباب الألفة و المحبة
،
و لو أن إنسانا لقي أخاه و لم يصافحه لكان ذلك من
أسباب الوحشة ، و لأستنكر ذلك ،
و قال : ما شأنه ، ما باله ، لماذا ؟
المقصود أن هذا هو المعروف بين المسلمين المصافحة عند
اللقاء
و السؤال عن الحال و العيال ، كل هذا أمر معروف و من
أسباب الألفة و المحبة .
و لا يشترط لذلك فاصل عند اللقاء في الطريق ، في الصف
بعد الصلاة ، بعد الصلاة ،
بعد الفريضة ، بعد النافلة ، يتصافحان
.
و لا حرج لو دخلت أنت و هو المسجد و جلستما ، ثم بعد
تأدية الصلاة صافح بعضكم بعضا ،
لكنه ما هو متأكد في هذا لأنكما دخلتما جميعا ،
لكن لو صافحته فلا بأس ؛
لأن الشغل بالصلاة شغل ، و الصلاة فيها شغل عظيم
،
و لهذا قال صلى الله عليه و سلم
:
( إن في الصلاة لشغلا )
و الرسول صلى الله عليه و سلم لما سلم عليه الأعرابي
الذي دخل المسجد
و صلى و نقر الصلاة سلم عليه مرات فرد عليه السلام ،
و هو عنده صلى ثم سلم
فرد عليه السلام ، و قال
:
( ارجع فصل فإنك لم تصل )
ثم رجع فسلم عليه فرد عليه السلام و هو ينظر
إليه قريب منه ، ينظر على صلاته ،
و لم يقل له : سلمت أولا ، يكفي السلام الأول
،
اللهم صل و سلم عليه و على آله و صحبه أجمعين
.
و بالله التوفيق ،
و صلى الله على نبينا محمد و على آله و
صحبه و سلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و
الإفتاء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق