(
اللهمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ ، وَدَرَكِ
الشَّقَاءِ ،
وَسُوءِ
الْقَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ )
.
البخاري
، كتاب الدعوات ، باب التعوذ من جهد البلاء
،
ومسلم
، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار،
باب
في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره ،
ولفظه
:
( كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يتعوذ
من
جهد البلاء ، ودرك الشقاء ، وسوء القضاء
،
وشماتة
الأعداء ).
المفردات
:
قوله
:
(
جَهْدِ الْبَلَاءِ )
:
الجَهد بالفتح هو كل ما
يصيب المرء من شدة ومشقة ،
وبالضم ما لا طاقة له
بحمله ، ولا قدرة له على دفعه .
قوله
:
(
وَدَرَكِ الشَّقَاءِ )
:
الدَّرَك :
اللحوق والوصول إلى الشيء ،
والشقاء
، هو الهلاك ، أو ما يؤدي إلى الهلاك ،
وهو
نقيض السعادة .
قوله
:
(
وَسُوءِ الْقَضَاءِ ) :
ما يسوء الإنسان ويحزنه
، ويوقعه في المكروه
من الأقضية المُقدَّرة
عليه .
قوله
:
(
وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ ) :
فرحة الأعداء ببلاء
يُصيب العبد .
الفتوحات
الربانية
الشرح
:
كان
النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر من هذا الدعاء
،
وأمر به أيضاً فدلّ على
شدّة أهمّيته ، والعناية به
لما
احتواه من عظيم الاستعاذات ، وشمولها ، في أهمّ المهمّات
،
في أمور الدين والدنيا
والآخرة .
قوله
:
(
اللهمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ
الْبَلَاءِ
)
:
اللَّهمّ أجرني من شدّة
البلاء ومشقّته ، والذي ما لا طاقة لي بحمله
،
ولا أقدر على دفعه ،
سواء كان هذا البلاء جسدياً كالأمراض وغيرها ،
أو
كان بلاء معنوياً ذِكرياً كأن يُسلِّط عليَّ من يؤذيني بالسبّ
والشتم
والغيبة والنميمة والبهتان وغير ذلك ،
فهذه
استعاذة من جميع البلاءات بشتى أنواعها وأشكالها
.
قوله
:
(
وَدَرَكِ الشَّقَاءِ )
:
وأجرني
من أن يلحقني مشقّة ، وهلكة في دنياي ، في نفسي
،
وأهلي ، ومالي ، وفي
آخرتي ، من عقوبة وعذاب بما اقترفته
بسبب الذنوب والآثام
.
قوله
:
(
وَسُوءِ الْقَضَاءِ ) :
هو ما يسوء الإنسان
ويحزنه أو يوقعه في المكروه
من
القضية المقدّرة عليه ، وهو شامل في الدين ، والدنيا
،
في النفس ، والأهل ،
والمال ، والولد ، والخاتمة ،
وهذه الاستعاذة تتضمّن
الحفظ في كل الأمور المذكورة .
فيض
القدير , الفتوحات الربانية
والاستعاذة
من سوء القضاء لا يخالف الأمر بالرضا بالقضاء
؛
فإن الاستعاذة منه من
قضاء اللَّه سبحانه وتعالى وقدره ،
والتي
شرعها لنا وجعلها سُنّة لعباده ؛
لهذا يجب أن يعلم أن
القضاء باعتبار العباد
ينقسم إلى قسمين :
خير
وشر ،
فشرع لهم سبحانه الدعاء
بالوقاية من شره ، والاستعاذة منه ،
فهذا في القضاء المقضي
المخلوق ، أما قضاء اللَّه الذي هو حكمه وفعله
فكلّه خير لا شرّ فيه
أبداً .
كما قال النبي صلى الله
عليه وسلم :
(
والشر ليس إليك )
مسلم
, كتاب صلاة المسافرين وقصرها ،
باب الدعاء في صلاة
الليل وقيامه
لكماله
جلّ وعلا من كل الوجوه ، فلا يدخل الشرّ في
صفاته
ولا في أفعاله ، ولا
يلحق في ذاته جلّ وعلا .
قوله
:
(
وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ ) :
فرح الأعداء بما ينزل
على الشخص من مكروه ، وسوء ومحنة ،
فينكأ القلب عندها ،
ويحزن ، ويبلغ من النفس أشدّ مبلغ ،
وقد يؤدّي إلى العداوة
والبغضاء والحقد ،
وقد
يُفضي إلى استحلال ما حرّمه اللَّه تعالى من القتال والانتقام
والتعدي
والظلم؛ لهذا أستعيذ منه لخطورته .
فدلّ
هذا الدعاء الجليل على أنه من جوامع الكلم التي
أوتيها
النبي صلى الله عليه
وسلم الذي جمع الاستعاذة من جميع
الشرور
في الدين والدنيا ،
فاعتن بهذا الدعاء العظيم في ليلك ونهارك ،
وفي
سفرك وحضرك ، حتى تكون في حفظ اللَّه
وعصمته
من جميع شرور الدنيا
والآخرة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق