الثلاثاء، 19 يناير 2016

شرح دعاء


 
( اللهمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ ،
وَسُوءِ الْقَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ ) .
البخاري ، كتاب الدعوات ، باب التعوذ من جهد البلاء ،
ومسلم ، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار،
باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره ،
ولفظه :
 ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ
من جهد البلاء ، ودرك الشقاء ، وسوء القضاء ،
وشماتة الأعداء ).
 
المفردات :  
قوله : ( جَهْدِ الْبَلَاءِ ) : 

 الجَهد بالفتح هو كل ما يصيب المرء من شدة ومشقة ،
 وبالضم ما لا طاقة له بحمله ، ولا قدرة له على دفعه .
 
قوله : ( وَدَرَكِ الشَّقَاءِ ) : 

 الدَّرَك : اللحوق والوصول إلى الشيء ،
والشقاء ، هو الهلاك ، أو ما يؤدي إلى الهلاك ،
وهو نقيض السعادة .
 
قوله : ( وَسُوءِ الْقَضَاءِ ) : 

 ما يسوء الإنسان ويحزنه ، ويوقعه في المكروه
 من الأقضية المُقدَّرة عليه .
 
 
قوله : ( وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ ) : 
  
 فرحة الأعداء ببلاء يُصيب العبد .
الفتوحات الربانية
 
الشرح :    
كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر من هذا الدعاء ،
 وأمر به أيضاً فدلّ على شدّة أهمّيته ، والعناية به
لما احتواه من عظيم الاستعاذات ، وشمولها ، في أهمّ المهمّات ،
 في أمور الدين والدنيا والآخرة .
 
قوله : ( اللهمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ ) : 

 اللَّهمّ أجرني من شدّة البلاء ومشقّته ، والذي ما لا طاقة لي بحمله ،
 ولا أقدر على دفعه ، سواء كان هذا البلاء جسدياً كالأمراض وغيرها ،
أو كان بلاء معنوياً ذِكرياً كأن يُسلِّط عليَّ من يؤذيني بالسبّ
والشتم والغيبة والنميمة والبهتان وغير ذلك ،
فهذه استعاذة من جميع البلاءات بشتى أنواعها وأشكالها .
 
 
قوله : ( وَدَرَكِ الشَّقَاءِ ) : 

وأجرني من أن يلحقني مشقّة ، وهلكة في دنياي ، في نفسي ،
 وأهلي ، ومالي ، وفي آخرتي ، من عقوبة وعذاب بما اقترفته
 بسبب الذنوب والآثام .
 
قوله : ( وَسُوءِ الْقَضَاءِ ) : 
 
 هو ما يسوء الإنسان ويحزنه أو يوقعه في المكروه
من القضية المقدّرة عليه ، وهو شامل في الدين ، والدنيا ،
 في النفس ، والأهل ، والمال ، والولد ، والخاتمة ،
 وهذه الاستعاذة تتضمّن الحفظ في كل الأمور المذكورة .
فيض القدير , الفتوحات الربانية
 
والاستعاذة من سوء القضاء لا يخالف الأمر بالرضا بالقضاء ؛
 فإن الاستعاذة منه من قضاء اللَّه سبحانه وتعالى وقدره ،
والتي شرعها لنا وجعلها سُنّة لعباده ؛
 
 لهذا يجب أن يعلم أن القضاء باعتبار العباد
 ينقسم إلى قسمين :
خير وشر ،
 فشرع لهم سبحانه الدعاء بالوقاية من شره ، والاستعاذة منه ،
 فهذا في القضاء المقضي المخلوق ، أما قضاء اللَّه الذي هو حكمه وفعله
 فكلّه خير لا شرّ فيه أبداً .
 
 كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :

( والشر ليس إليك )
مسلم , كتاب صلاة المسافرين وقصرها ،
 باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه

لكماله جلّ وعلا من كل الوجوه ، فلا يدخل الشرّ في صفاته
 ولا في أفعاله ، ولا يلحق في ذاته جلّ وعلا .

قوله : ( وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ ) : 

 فرح الأعداء بما ينزل على الشخص من مكروه ، وسوء ومحنة ،
 فينكأ القلب عندها ، ويحزن ، ويبلغ من النفس أشدّ مبلغ ،
 وقد يؤدّي إلى العداوة والبغضاء والحقد ،
وقد يُفضي إلى استحلال ما حرّمه اللَّه تعالى من القتال والانتقام
والتعدي والظلم؛ لهذا أستعيذ منه لخطورته .
فدلّ هذا الدعاء الجليل على أنه من جوامع الكلم التي أوتيها
 النبي صلى الله عليه وسلم الذي جمع الاستعاذة من جميع الشرور
 في الدين والدنيا ، فاعتن بهذا الدعاء العظيم في ليلك ونهارك ،
وفي سفرك وحضرك ، حتى تكون في حفظ اللَّه وعصمته
 من جميع شرور الدنيا والآخرة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق