الجمعة، 9 فبراير 2018

أمي تصرفاتها غريبة

السؤال

♦ الملخص:
شابٌّ لاحَظَ على أمِّه بعض التصرُّفات الغريبة؛ مثل: النسيان،
وعدم محبة الخروج مِن البيت، وعدم تقدير الأمور.

♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابٌّ أقيم مع أمي الكبيرة في العمر والتي تبلغ 68 عامًا،
وهي سيدة أرملة، الحمدُ لله أمي تتمتَّع بصحةٍ جيدةٍ، لكنها لا تريد
الخروج مِن البيت؛ كأنها تخشى مُواجَهة المجتمع، أو ترفُض
التعامُل معه، مع أنها كانتْ محبوبةً في عمَلِها.

المشكلة أننا وجَدْناها في السنوات الأخيرة تنسى كثيرًا، وتمتعض
مِن أمور الحياة، ولا تستطيع أن تذهبَ إلى أي مكان وحدَها، لكنها
ما زالتْ تطهو الطعام جيدًا، وتجيد أمور الحياكة والأمور المنزلية السهلة.

ظهَرَتْ عليها بعضُ السلوكيات الغريبة؛
مثل: عدم تقدير الأمور، فعندما مات أخوها ذهبتْ للعزاء وتصرَّفتْ
كأنها لم تكنْ في عزاء! مما اضطرني إلى إخراجها مِن العزاء.

وباختصار: أصبحتْ تتعامل مع الحياة بنوعٍ مِن الرفض وعدم التكيُّف،
كما أصبحتْ صلبةً وعنيدةً ومُتسلطةً، والمشكلة أننا نعيش الآن في
حيرةٍ مِن أمرنا؛ هل هي مريضة وتحتاج علاجًا أو لا؟
وهل تُمثِّل علينا أو لا؟
الجواب

الأخ السائل الكريم، نُرحِّب بك في شبكة الألوكة، كما نشكُر لك
حرصك واهتمامك، ونسأل الله أن يجزلَ لك العطاء، ويجزيك خير
الجزاء لرعايتك لوالدتك.

لا شك أنَّ ما تقوم به مِن إحسانٍ تجاه والدتك هو بابٌ مِن أبواب البر،
حرصًا على طاعة الله في قوله تعالى:
{ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَك
َ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل
ْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا }

[الإسراء: 23].

وعن المشكلة التي تُعاني منها والدتك الكريمة حفظها الله فيُمكن
تشخيصها بالآتي:
• غالبًا ما يحدُث عند كبار السنِّ حالةٌ مِن التقلُّص في خلايا الدماغ وضمورها،
وهذا مِن الأمور الطبيعية والشائعة، ويُصاحبها حالة مِن النسيان،
وتتزايَد أعراض تلك المشكلة المرتبطة بالمرحلة العمرية
كلما تناقصت الممارساتُ الاجتماعية، وتتزايد حدة المشكلة عند سِنِّ
التقاعُد نتيجةً لضَعْف تدريب واستخدام خلايا الدِّماغ.
• حاجة والدتك الماسَّة للشعور باهتمام مَن حولها نتيجة القصور
والعَجْز الجسدي والنفسي، وارتفاع نسبة الكآبة والقلق، وفَقْد جزءٍ
طبيعيٍّ مِن الذاكرة نتيجة الخلَل في النواقل العصبيَّة التي تَحفَظ التوازُن
النفسي في المركز المسؤول عن الانفعالات في الدماغ.
• التصلُّب الذِّهني: ضَعْف القدرة على التكيُّف مع الحياة اليومية،
وعدم القدرة على التفاعل الإيجابي مع المستجدَّات، وضعف القدرة على
استيعاب الآخرين والأحداث مِن حولها.
• الشعور بالكآبة والإحباط والميل للعزلة، ويعدُّ ذلك نتيجةً
طبيعيةً للتقاعد والشعور بالحاجة إلى الآخرين.

أساليب العلاج:
العلاج النفسي:
• احتواء الوالدة والإحسان إليها قولًا وفعلًا.
• تكريمها بتوفير ما مِن شأنه إدخال البهجة والسرور إلى قلبها،
والثناء على ما تُقدِّمه مِن خبرات.
• التعامُل مع مشكلاتها النفسية على أنها عرَضٌ مِن أعراض الشيخوخة،
والحرص على مشاعرها، والتجاوُز عن سِمات الشخصية المتسلِّطة
المتعلِّقة بضَعْف القدرة على استيعاب الأحداث والآخرين.

العلاج الاجتماعي:
• إيجاد فُرَص اجتماعية مناسبة للوالدة، ومساعدتها على استثمار
مهاراتها بالطبخ والحياكة، كوسيلةٍ للإنتاج للشعور بكيانها المستقل
وقيمتها الخاصة، كأنْ تعرضَ عليها فرصةَ إقامة دورة تدريبية في
تلك المجالات مِن خلال النوادي النسائية المهتمة بكبار السن.
• اصطحابها في رحلات ترفيهية، وخَلْق أجواء مِن المرَح والتسلية
في محيط العائلة الكبرى.

العلاج الدوائي:
ننصحك باللجوء إلى الطبيب المختصِّ لتشخيص أسباب النسيان بدقة؛
حيث يرتبط بتلَف خلايا القشرة الدماغيَّة، ويمكن مِن خلال وصْفِ بعض
العقاقير الطبية تحسينُ الذاكرة، وعلاج بعض المشكلات النفسية
المصاحِبَة.
نسأل الله أن يُنعِمَ عليك ببر والدتك، ويحفظها مِن كل سوءٍ
ويرفع درجاتك بحُسْن صُحبتها وإحسانك إليها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق