الأحد، 4 فبراير 2018

الحالة النفسية بعد المرض


السؤال

♦ الملخص:
شابٌّ كان مريضًا بمرضٍ عُضويٍّ أدى إلى اعتزاله عن الناس؛
لخوفه مِن الاختلاط، والذهاب إلى أماكن التجمُّعات، ويسأل:
هل هذا رهاب أو وسواس؟

♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابٌّ في العشرينيات مِن عمري، عانيتُ منذ ثلاث سنوات مِن
مرضٍ عُضوي؛ مما أدَّى إلى انقطاعي عن الناس لمدة عام! والآن ولله الحمد
شُفيتُ منه تقريبًا، ولا أعلم هل هذا المرض هو الذي سبَّب لي هذه
الحالة أو لا؟

عندما كنتُ مريضًا كنتُ أعتزل الناسَ جميعًا، وكأني لا أعرِفهم، وعندما
كنتُ أُقابل أحدًا كنتُ أشعُر بالقلق، خاصَّة في الأسواق الكبيرة، وقد بلَغَ
بي القلق أني لا أستطيع أن آكُلَ أو أشرب أمامَهم.

كذلك كنتُ أشعر بكرهٍ تجاه بعضهم، وأحيانًا يَختلق عقلي أمورًا خياليَّةً؛
مثل: أنَّ شخصًا ما يتكلَّم عني، أو يَكرهني، أو يريد أن يَضربني،
أو يقتلني، أو يُناقشني، وكنتُ أناقش نفسي كأني أتناقَش مع أحدِهم،
ولا ينتهي الأمر عند هذا الحدِّ، بل أشعر بالهزيمة، وأظَل أُفكِّر في هذا
النقاش طوال الوقت، بل وأكره مَن ناقشني، وغيرها مِن الأمور
الخيالية التي أعاني منها.
أخبِروني هل هذا رهابٌ اجتماعيٌّ أو وسواس؟

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
مرحبًا بك أخي الكريم في شبكة الألوكة، ونتمنى أن نكونَ عند حُسن
ظنك بنا، وأن نكون خير مُعين لك بعد الله في تجاوُز ما تَمُرُّ به.

بدايةً حمدًا لله على سلامتك، وجعَل اللهُ ما أصابك رِفعةً لدرجاتك، وتذكَّر
ْ أخي أن النفس تتعرَّض للمرض كما يتعرَّض الجسد، ولعل ما أصابك –
مِن أفكار ووساوس سبَّبتْ لك رهابًا اجتماعيًّا - هو في الحقيقة أثرٌ
لمرَضِك العضوي، ولكن أُطمئنك أنَّ علاجه بإذن الله سهل، ويحتاج
منك القليل مِن العزم والصبر.

أهم الخطوات التي يجب أن تبدأَ بها هي: تكوين صداقات مع أشخاص
إيجابيين متفائلين، لديهم طموحات عالية، ولديهم أهدافٌ في حياتهم؛
مما يُشَكِّل أكبر الأثر على نفسك وعلى تعامُلك معهم، ومِن ثَم تضمن
دعمًا نفسيًّا رائعًا.


أيضًا يجب عليك البدء في تغيير الأفكار والقناعات التي تدور في رأسك،
وأهمُّها: إزالة التحسُّس، بمعنى: لا تتخيل أن الأشخاص كل هَمِّهم أنت،
وماذا تقول، وماذا تفعل، وماذا تأكل! وتأكَّد أنَّ كل شخص حولك
مشغولٌ بنفسه وبأهدافه وبحياته، فاجعلْ مِن تعامُلك مع الناس مِقياسًا
لذلك، خاصةً أنك عندما تُواجه أيَّ شخص فإنك تُعجَب بأفكاره وأخلاقه
وأسلوبه في التعامُل، وغير ذلك لا يَعنيك، وهم كذلك، وهذا ما يُسمى
بـ: مُواجهة المخاوف لفترةٍ كافية حتى تعتادها، ويؤمن بها عقلُك
الباطن، ومِن ثم تتخلَّص منها، وتتخلَّص مِن الخوف من حُكم الناس عليك.

أيضًا مِن المهم جدًّا أن تتحكَّم في تسلسُل أفكارك التي تُسَيِّرك للخوف
مِن لا شيء، وتوجِّه لك أفكارًا سلبية، فمثلًا: عندما تُواجهك فكرة أن
الناس يَنظرون إليك، قلْ في نفسك:
لماذا هذه الفكرة؟ وهل أنا الوحيد في المكان؟ وهل أنا هَمُّهم الأكبر؟
وفي المقابل هل يَنظرون إلى غيري؟ وغير ذلك مِن الأسئلة التي
تُفكِّر فيها، وبعدها قرِّر ما نتيجة هذا التفكير، وستجد النتيجة أنهم
لَم يَشعروا بك، ولم يُرَكِّزوا عليك، وأن هناك الكثير مِن الأشخاص في
المكان نفسه يجدون المتعةَ في الحديث والكلام، وأنت مُنشَغِل في
أفكارك السيئة؛ لذلك قُمْ بترتيبها لتَسهل عليك مُدافعةُ هذه الأفكار
والتخلُّص منها.


احرِصْ أكثر الحرص على الاستمرار في الجامعة، وابدأْ برَسْم أهدافٍ
لك في حياتك، واعمَلْ على تحقيقها، أو على الأقل البَدْء في ذلك،
وكذلك قراءة الأذكار اليومية، وقراءة الكتُب التي تُفضِّلها، واحرِصْ
على انتقاء مواضيع كتُب تتَّسم بالإيجابية وقصص النجاح، ومارِس
الأنشطة الرياضية لمدة خمسة أيام في الأسبوع، واعملْ تمارين
الاسترخاء لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع، (موجودة في اليوتيوب).
ختامًا، تمنياتي لك بمزيد مِن الصحة والعافية، والحياة السعيدة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق