الأحد، 18 فبراير 2018

أعيش بلا هدف


السؤال

♦ الملخص:
شاب يشكو من شعوره بأنه يعيش بلا هدف، ويطلب رسم جدول لحياته.

♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابٌّ طيِّب مع جميع الناس، ومُبتسم دائمًا حتى مع الأشخاص الذين
لا أعرفهم، لكنَّني للأسف أشعر الآن بشيء لا أدري ما هو بالضبط.

للأسف مهاراتي الاجتماعية مُتضاربة مع أني أدرس الهندسة؛ فمرة
أحب هذه المهارات جدًّا، ومرة أشعر بكرهي لها ونفوري منها،
ورغم أن مشاعري تبدو طبيعية مع جميع الناس فإنها تكون غريبة
مع الأشخاص الذين أحبهم؛ فأنا أحبهم لدرجة أني قد أبكي أمامهم إذا
عرفت أني لن أتمكَّن من التواصل معهم، وأفضِّلهم دائمًا على نفسي،
وأقدِّم لهم الكثير من الهدايا، وأخشى من سوء ظنِّ بعضهم بي؛ فربما
فكَّر وقال في نفسه: لماذا يقدِّم لي هدية؟ لماذا يتودد إليَّ بهذه الطريقة؟!

أعلم أن سبب هذه المشاعر العجيبة يَكمن في تربية والدي لي،
وفي شخصيتي الضعيفة الطيبة، مما جعل بعض من أعرفهم يستغلُّ طيبتي!

كانت تربية أبي لي فيها الكثير من الأخطاء؛ بسبب طبيعة البيئة التي عاش فيها،
وبسبب الخوف الزائد عليَّ، والتفكير بشكل سلبي في جلوسي مع أصدقائي أو مكالمتهم!

الآن للأسف لم يعد معظم أصحابي يهتمون بي كما في السابق؛
وذلك لأني كنت أتجاهلهم كثيرًا؛ خوفًا مِن أن يتسبَّب والدي في مشاكل معي ومعهم!

للأسف أعيش الآن أيامًا بلا هدف؛ مما جعلني أقع في بعض الأخطاء
والمعاصي التي لا أرضى عنها، والتي أشعر أن لها سببًا كبيرًا جدًّا فيما
أعانيه من مشاكل، وأشعر أني أحتاج إلى مَن يقودني، لذا أتمنى مساعدتي
أو رسم جدول لحياتي.
أعينوني، وجزاكم الله خيرًا
الجواب

مرحبًا بك أخي الكريم في شبكة الألوكة، ونتمنَّى أن نكون عند حسن ظنِّك بنا،
وأن نكون خير معين لك بعد الله في تجاوز ما تمرُّ به.

أخي الكريم، قد يمرُّ على الإنسان وقت في بعض مراحل حياته يَشعر
فيه أنه تائه، ولا يعرف طريقًا محدَّدًا يسير عليه، ولكن الأهم من ذلك
ألا يَستسلم لهذا الشعور ويُصدِّقه، لقد ذكرتَ العديد من الصفات الرائعة
التي تتَّصف بها، ولديكَ نظرة جميلة للحياة، وكوَّنت علاقات اجتماعية
متنوِّعة وكثيرة.... إلخ، وكل ما سبق ذِكره عوامل مساعدة لرسم
طريق سليم لحياة ناجحة.

نبدأ في البداية بجدول حياتِك أنتَ، فأنت الآن في طريقِك لدراسة الهندسة،
وهذا التخصُّص بالذات تخصُّص رائع، ومطلوب في دولتِك، ويُعتبر
بالنسبة لك بداية سلوك الطريق.

تَستطيع الآن قبل الانتهاء والتخرُّج أن تقرأ عن كل ما يتعلَّق بالتخصُّص،
وتَحديد مسارك بعد ذلك، سواء كان في قطاع خاصٍّ أو حكومي، كما
ذكرتَ أن لديك وظيفة بالإضافة إلى دراستك، وهذا توجُّه رائع يدلُّ على
حسن استغلالك لأوقات فراغك لتُقدِّم لنفسك إنجازًا يضاف إلى ما قبله.

أيضًا أخي الكريم حافظ على علاقاتك الاجتماعية، واحرِص على التوازن فيها؛
بحيث تكون مِن دون إفراط ولا تفريط، فكل منا لديه صديق مقرب
منه على الأقل، والباقون تربطنا معهم الزمالة أو مصالح العمل أو الدراسة،
وليس كل مَن تعرَّفت عليه تعتبره صديقًا؛ لذلك اجعل العلاقة معهم
علاقة الاحترام والمحبة، وإن لزم الأمر لتبادل الهدايا فلا مانع، ولكن احرص
على أن تقدمها في مناسبة؛ كنجاح، أو زواج، أو ترقية، أو غيره؛
لكي تسلم من إساءة الظن بك.

قم بوضع أهداف لحياتك، وحدِّدها بوقت معين ليَسهُل عليك تحقيقها،
وأنت قادر على ذلك، وبما أنك مهندس المستقبل الذي يُخطِّط ويرسم
لمنزل أو بناية فلن تعجز عن التخطيط لحياتك التي تَعرف الكثير عنها
عن نفسك وعن هواياتك وعن رغباتك، ومِن المفيد حضور دورات
التخطيط للحياة، وقراءة الكتب التي تتحدَّث عن ذلك.

كما يجب عليك أن تغيِّر بعض القناعات لديك، وخاصةً في تربيتِك وفي
نظرتك عن والدك، وكن على يقينٍ أنَّ ما تراه أنت غير مناسب من
أساليب التربية يَراه والداك أنه الأصح؛ لأنهما أعلم بمصلحتك،
وأبعد نظرة للحياة، وأكثر تجارب، ولن تستوعب هذه الفكرة إلا
عندما تُصبح أبًا، فلا تعلِّق كل خلل في تعاملك مع من حولك بوالديك وتربيتِهما،
ولكن كن صريحًا مع نفسك، وابحث عن السبب
الحقيقي للخلل.

كما أنَّ ما تَشعُر به الآن لا يبرِّر لجوءك إلى المعاصي التي لا تزيدك إلا
إثمًا وأضرارًا صحية ونفسية، بل تقرَّب مِن الله سبحانه وتعالى، وأَكثِرْ
مِن حَمدِه وشُكره، وانظر إلى ما تتمتَّع به من النِّعم التي لا تُعدُّ ولا تُحصى،
وحافظ على الصلاة مع الجماعة وفي وقتها، وتأكَّد أنَّ السعادة ليستْ
في السفر ولا غيرِه، لكنَّ السعادة في طاعة الله، وبإذن الله يكون النجاح حليفك.
وختامًا، تمنياتي لك بالنجاح، والحياة السعيدة، والمستقبل الزاهر والمشرق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق