الخميس، 22 فبراير 2018

توفي أخي في حادث


السؤال

♦ الملخص:
شابٌّ توفي أخوه في حادثٍ، فأُصيب بحالة نفسية سيئة، ويريد أن
يَتَخَطَّى هذه الحالة.

♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله بركاته.
تُوُفِّي قبل أيامٍ أخي في حادثٍ مُروعٍ، لكني بعد وفاته بدأتُ أُعاني
مِن:
• الشرود الذِّهني، والتفكير فيه باستمرار.
• إصابتي بالوسواس كثيرًا على صور متعددةٍ؛ منها مثلًا:
(أنه كان مِن الممكن أن يعيش أخي لو... (احتمالات لا تنتهي ).
• التأفُّف وضيق الصدر.
• أقول أحيانًا: كيف يمكن أن نعيشَ بدونه؟
• يضيق صدري عندما أرى الناس مِن حولي يضحكون مع أبنائهم
وإخوانهم، وأنا في حزنٍ شديد!
• أتخيَّل أخي في كثيرٍ مِن الحالات والمواقع، وقد حاولتُ أن أخرجَ
من دائرةِ الحزن، لكني لم أستطعْ.
فكيف الخلاص مما أنا فيه؟ أفيدوني وفَّقكم الله
الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
نُرحِّب بك أجمل ترحيب، وهنيئًا لك هذه العاطفة والمحبَّة لأخيك الذي
فقدتَه في الدنيا، ونسأل الله أن يجمعَ بينكما في الجنةِ دارِ النعيم الدائم،
والحياة الطيبة والسعادة الأبدية؛ حيث لا موت ولا بؤس، ولا مرض
ولا هرم، وإنما فرحٌ وسرور بصُحبة الأنبياء والصالحين.
اعلَمْ أخي الكريم أنَّ ما يصيبُ الإنسانَ هو بقدَر الله،
ومِن أركان الإيمان:
الإيمان بالقدَر خيره وشره، ومن هَدْي الإسلام الصبرُ على البلاء؛
كالموت والمرض والمصائب؛
قال تعالى:
{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ
وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا
إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ }

[البقرة: 155، 156].

وقد بشَّر الله أولئك الصابرين بما يُفرِحهم ويَسُرُّهم؛ مِن حُسن العاقبة
في الدنيا والآخرة، فلهم ثناءٌ من ربهم ورحمةٌ عظيمة، وأولئك هم المهتَدون
إلى الرشاد؛
{ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }
[البقرة: 157].

لا داعي للضيق واستمرار الحزن، وفتح المجال للوساوس،
وإنما عليك بكثرةِ اللجوء إلى الله، وحُسن عبادته، والانشغال بالطاعات
والعبادات المتنوِّعة التي تنفعُك في دنياك وآخرتِك، والاهتمام بالتوحيد، والصلاة
في أوقاتها ومع الجماعة، والحرص على القرآن، وذِكْر الرحمن،
وصحبة الصالحين من العلماء والدعاة الربانيين.

وعليك بكثرةِ الدعاء لأخيكَ أنت وأقاربك والمحبون له، بعد حثِّ الجميع
على الصلاح والتقوى، فدعاء الصالحين مما يستفيد منه الميِّتُ؛
كما بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله:
( إذا مات الإنسانُ انْقَطَع عنه عمله إلا مِن ثلاث: إلا مِن صدقةٍ جارية،
أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ).


ولك أن تتصدَّق عنه، أو تقيم مشروعًا خيريًّا باسمه، أو نحو ذلك،
فقد سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ، فقال: يا رسول الله،
هل بقي من برِّ أبويَّ شيءٌ أبرُّهما به بعد وفاتهما؟
فقال صلى الله عليه وسلم:
( نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدِهما من بعدهما،
وإكرامُ صديقهما، وصلةُ الرحم التي لا توصل إلا بهما ).


واجعَلْ تفكيرَك إيجابيًّا، وأحسِنِ الظنَّ بربك عزَّ وجل، واعلَمْ بأنه
سبحانه وتعالى رحيمٌ بعباده، وأن خزائنه مَلْأى، ورحمته وسِعَتْ كلَّ شيء،
فاستغلَّ وقتك بكثرة الذِّكر والدعاء والأعمال الصالحة النافعة.

ومما ننصحُك به المواظبةُ على الصفِّ الأول بالمسجد، والجلوس
مع الإمام في حلقات القرآن، واستشارة بعض العلماء والخطباء
القريبين منك.
وفي الختام نسأل الله لك العون والتوفيق والسداد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق