السبت، 24 فبراير 2018

رهاب الخوف من الموت

السؤال
♦ الملخص:
شاب شاهد على موقع (اليوتيوب) مقطعًا لشاب يموت؛ فأُصيب
بحالة من الخوف الشديد، ومنذ ذلك الوقت لا يخرج من البيت.

♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابٌّ في الثلاثين مِن عمري أعمل في المجال الطبي، أعاني مِن
رهاب شديد وخوف مِن الموت، بدأ ذلك عندما كنتُ أشاهد بعض
المقاطع على موقع (اليوتيوب)، فوجدتُ مقطعًا فيه شابٌّ يموت،
فأصبتُ بصدمة شديدة جدًّا!

جلستُ بعد مشاهدة هذا المقطع 9 أشهر في بيتي أخاف الخروج مِن
البيت، ثم قررتُ أن أذهبَ إلى الطبيب بمساعدة أهلي، فوَصَف لي
الطبيبُ دواء (سيبراليكس)، خفَّف قليلاً من حدة رهابي.

بدأت تتحسَّن حالتي، خاصَّة بعدما حصلتُ على وظيفة، لكن ما زلتُ
أخاف الذهاب إلى أماكن بعيدة عن المنطقة التي أسكن فيها، وأخاف
من المرتفعات.

الآن تركتُ الوظيفة، وأصبحتُ عاطلًا عن العمل، وحالتي ساءت جدًّا،
وذهبتُ مرة أخرى إلى الطبيب فوصف لي دواءنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةzolfet) ودواء: (seroxat)،
لكن لم تتحسن حالتي للأسف.
أرجو منكم أن تخبروني ببعض النصائح التي تُحسِّن مِن حالتي
لأني الآن أفكر في الانتحار والخلاص من حياتي!
الجواب

مرحبًا بك أخي الكريم في شبكة الألوكة، ونتمنى أن نكونَ عند حُسن
ظنكم بنا، وأن نكونَ خيرَ معينٍ لكم بعد الله في تجاوز ما تمر به.

لقد خَلَقَنا الله سبحانه وتعالى على الفطرة، نُؤمن به ونعبده ونتوكل عليه سبحانه،
وجعل لهذا الإيمان ستةَ أركان، يكمل إيمان الإنسان بتصديقها والتسليم بها، وهي:
(أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وباليوم الآخر، وبالقدر
خيره وشره)،

ولعلك تُركز على الركن السادس وهو ما يخصُّ حديثنا.

جميع أمورنا أخي الكريم أقدار مكتوبة مِن قَبْل أن نخرجَ إلى هذه الدنيا؛
مِن حياةٍ وموتٍ ورزقٍ وسعادةٍ وشقاءٍ، ليس للإنسان يدٌ أن يُغَيِّرها
أو يبدلها، ولكن عليه التسليم بأن الله سبحانه وتعالى لا يريد به إلا كل
خير، وإن قدر علينا أمورًا لا نرغب بها فذلك لحكمةٍ هو يعلمها،
ولخيرةٍ قد يخفيها، وتأكَّد أنه لو انكشفتْ لك حياتك وما مرَّ بها
لاخترتَ ما اختاره الله لك، وما قدَّره عليك.

كنْ على يقينٍ بذلك يقينًا صادقًا قويًّا يُعينك على إكمال مشوارك في
الحياة، ويصنع منك شخصًا آخر (ناجحًا - مبدعًا - منجزًا)،
لا أقول لك هذا الكلام لأجعلك تعيش ببرودٍ، مسلمًا لكل شيء،
وتقول: قضاء وقدر، لكن لتعيش بقوةٍ مُستَمَدَّة مِن الله عز وجل،
وهي القوة التي لا يستطيع أيُّ شخص في هذه الحياة أن يستغنيَ عنها،
مقابل هذه القوة هناك شيطان يُوَسْوِس في الصدور يفرح بكلِّ نقطة
ضعف في الإنسان، ويحاول أن يسيطرَ على فكره ليُعيقَه عن عبادته،
عن حياته، عن أهدافه، ومن ثَم ليس له نصيب مِن الحياة سوى
الوسوسة والجهد الفكري الذي يستنزف في غير محلِّه.

أخي الكريم،
ما زلتَ في بداية شبابك، فحاوِلْ أن تتجاهلَ هذه الأفكار التي تحرمك مِن التمتُّع
بهذه الحياة على الوجه الصحيح، ولعلك تعود للبحث عن عملٍ مِن جديد،
وخاصةً أنَّ عملك عملٌ إنساني عظيم، وكثيرون يحتاجون إليك.

لا تجعل وسواس الموت يسيطر عليك أكثر مِن ذلك، ودافِعْ بقوة الله عز وجل،
وأؤكد لك الآن وبيقين تامٍّ أننا لا نعلم أنا ولا أنت ولا أي شخص
يسير في هذه الحياة متى يومنا، ولكن نستطيع أن نعملَ لأجل أن نستقبل
هذا اليوم وقد أعْدَدْنا له ما يغفر لنا، ويشفع لنا بدخول الجنة.

كيف لك أن تفكر في الانتحار وأنت لا تملك هذه النفس لكي تتخلص منها،
فالله عز وجل هو مَن يَمْلِكُها، ولا يحق لك ولا لغيرك أن ينهيها، ولو
كان ذلك سيُخلِّصك مما أنت فيه ما شرع الله لهذا الجرم عقوبة،
وقد قال في كتابه الكريم:
{ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا }
[النساء: 29]،
فجعل الله عقوبة القاتل كما قال في كتابه:
{ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ
وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا }

[النساء: 93]،
فكيف بمَن يقتُل نفسه؟!

بعد هذا العرض أخي الكريم لعلك تستمر على بعض النصائح التي
سأذكُرها لك، لكنها تحتاج الكثير مِن الصبر وسعة البال:
• حافظْ على أداء الصلاة في أوقاتها، واحرصْ على الجماعة.
• اقرأ أذكارَك اليومية بعد الفجر وبعد المغرب.
• استمعْ إلى الرقية الشرعية، وإن استطعتَ أن ترقي نفسك فهذا أفضل.
• أكثِرْ مِن قول: أعوذ بالله مِن الشيطان الرجيم دائمًا.
• كرِّرْ قراءة سورة الشرح كلما أحسستَ بعودة هذه الأفكار.
• مِن الضروري جدًّا إيجاد عمل، وعدم ترك فرصة للفراغ، ولو
كان عملاً بسيطًا، المهم أن تعمل.
• حددْ أهدافك، وماذا تريد أن تنجز، وخطِّطْ لتكوين أسرة، وقرِّرْ مِن
الآن أن تكونَ هذه الأسرة سعيدة، فبمجرد ارتباطك ستَتَغَيَّر حياتك كثيرًا،
وتنشغل بما هو أهم، بالزوجة والأولاد...
• مارس الرياضة لمدة خمسة أيام في الأسبوع، وركِّزْ على الأكل
الصِّحِّي والمشروبات التي تساعد على الهدوء؛ كالنعناع، والبابونج، وغيرهما.
• اعملْ تمارين الاسترخاء لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع
(ستجد منها الكثير من المقاطع في اليوتيوب).
تذكَّرْ أخي الكريم أنَّ التغييرَ يحتاج إلى وقتٍ طويلٍ، فتحلَّ بالصبر،
وتأكَّدْ أنَّ التغيير قادمٌ، والحياة جميلة، لكنها تحتاج أن نعيشَها
بتفاصيلها الحسنة والسيئة.
ختامًا تمنياتي لك أخي الكريم بحياة سعيدة، ومستقبلٍ مشرقٍ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق