الاثنين، 26 مارس 2018

الإنترنت والاشتباكات الأسرية


طُلب مني يوما توجيه كلمة للشباب لأطالبهم بالإبتعاد
عن الانترنت.. فإبتسمت وقلت: أقضى يوميا أوقاتا على الإنترنت
فكيف أطالبهم بالإمتناع عنه..

فالإنترنت يقدم خدمة لا يمكن إنكارها، بتسهيل الحصول على المعلومات،
والتواصل الإجتماعى عبر الفيس بوك وتوتير ومتابعة أحدث الأخبار
على كافة المستويات السياسية والصحية بل وأمور التجميل
والرياضة وغيرها..

هذا لا يتعارض بالطبع مع القاعدة الذكية بأن ما زاد عن حده تحول إلى
ضده.. فالإنغماس فى التعامل مع الإنترنت يعد مؤشرا على غياب الكثير
من القواعد الضرورية لنجاح الأسرة بما فى ذلك العلاقة بين الزوجين
ثم العلاقة بين الوالدين والأبناء كل على حدة..

تشكو زوجات كثيرات من الأزواج فما أن يعود أحدهم من العمل حتى يأكل
طعامه بسرعة ويضع وجهه أمام الإنترنت وقد يبتعد من وقت لآخر ليتابع
برنامجه المفضل ثم يعود للإنترنت مسرعا وكأنه يخاف أن يفقد شيئا
مهما كما قالت لى زوجات..

وتشكو أخريات من متابعة الأزواج مواقع إباحية على الإنترنت ويتسبب
ذلك فى مشاكل تسئ للزوجين معا ويتبادلان خلالها الكلمات الجارحة
وقد ينتهى الأمر بالطلاق والإنفصال العاطفى إن إستمر الزواج.

كما يشكو بعض الأزوج من إهمال الزوجات لشئون البيت وعدم رعاية
الأبناء وقضاء إوقاتا طويلة أمام الإنترنت والحديث مع الغرباء من
الجنسين ويسبب ذلك فى مشاجرات يومية تنتهى بتراجع
الإحترام المتبادل..

ونصل للمعارك اليومية بين الوالدين والأبناء ومحاولات إنتزاعهم من أمام
الإنترنت وترديد بعض الجمل مثل لماذا تفعلون ذلك، نحن لا نستحق منكم
هذه التصرفات، لم نكن نتصرف مثلكم ونحن فى أعماركم كنا نتنافس
فى طاعة الأهل، وما شابه ذلك من جمل تؤدى إلى نتائج عكسية..

ونود أن يتقبل الأبناء والأمهات أن الإنترنت أصبح من أحد أجزاء الحياة
المعاصرة وليس من الحكمة تجاهل ذلك، وهذا لا يعنى السماح بسيرته
على الأبناء والبنات وتركهم أمامه معظم الوقت، ولكن تخصيص وقتا
يوميا لهم -من مازالوا بمراحل التعليم- سواء للتواصل مع الأصدقاء
أو متابعة ما يحبون متابعته مع الإهتمام بتوطيد العلاقات مع الأبناء
وإشعارهم بالحب وبالرعاية وتقليل الإنتقادات ليجدوا ما يفتقدونه
من حب وإهتمام داخل الأسرة، كما يؤكد الكثير من الشباب،
من الجنسين، حيث يجدون فى الإنترنت المتنفس للهروب من المشاكل
المستترة داخل البيت وينعمون بما يرونه علاقات تعوضهم عن الحرمان
العاطفى داخل البيت بينما تعرضهم هذه العلاقات لمشاكل كثيرة منها
ضياع العمر فى تجارب فاشلة وتنفس مرارة الهزائم العاطفية والتعرض
أحيانا للإبتزاز المادى والتورط فى علاقات جسدية ترشح صاحبها
لندم ولو بعد حين..

كما يتورط بعض الكبار من الجنسين فى علاقات عاطفية عبر الإنترنت
وقد تتطور لتواصل عبر الهاتف أو لقاءات واقعية وشكا لى بعض الأزواج
والزوجات من إكتشافهم لتورط شركائهم بالحياة فى علاقات عبر الإنترنت
وما تلى ذلك من فقدان الثقة وتراجع الحب وفقدان الإحترام..

وما كان أغنى الجميع عن ذلك لو فطن الأزواج والزوجات إلى أهمية
تدعيم العلاقات العاطفية مع شركائهم والتعامل معهم بود وبإحترام لإغلاق
كل أبواب الإستجابة للإغراءات المتاحة بعد فترة عبر الإنترنت، وأحيانا
لتحقيق الرغبة فى البحث عنها فى الإنترنت وخارجه أيضا..

كما نوصى بعدم إغلاق الأبناء والبنات الأبواب عليهم فى أثناء التواصل
عبر الإنترنت ومتابعة أنشطتهم خلاله بود وإحترام دون إشعارهم
بالرقابة أو نقصان الثقة مع مشاركتهم بعض هذه الإهتمامات لتوطيد
أواصر الصداقة بينهم وبين الأهل والتوقف عن السخرية من إهتمامهم
بالإنترنت وإنتقادهم أمام الأقارب لهذا السبب ما يؤدى لنتائج عكسية..
مع الحرص على قضاء أوقات لطيفة تضم الزوجين والأبوين بعيدا
عن الفضائيات والإنترنت يتم خلالها تبادل الأحاديث الإيجابية والابتعاد
عن توجيه أى إنتقادات والحرص على إزالة أية إختناقات سابقة بين
الزوجين أو بينهما وبين الأبناء وتبادل المجاملات وإشاعة روح المرح
والإبتعاد عن الطلبات المادية من قبل الأبناء وتجنب توجيه الأوامر
والتوجيهات من الأهل، تجدد النشاط للجميع وترشحهم للفوز بعلاقات
أسرية أفضل تساعدهم على النجاح فى باقى جوانب الحياة، وتذكر أن
العكس صحيح أيضا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق