الخميس، 14 نوفمبر 2019

سلسلة أعمال القلوب (24)

سلسلة أعمال القلوب (24)

• مثال ثالث:الحسد: داء قلبي، وعلة من علل القلوب تفسد القلب،
وهو يُذْهِبُ ما يجب على المؤمن من صفاء قلبه لإخوانه المسلمين، فهذا
الإنسان الحسود يتمنى أن تزول النعمة عنهم، سواء وصلت إليه أم لم تصل
إليه، فهذا الحسود لا يحب قطعاً لإخوانه ما يحب لنفسه، وإلا لِمَ يحسدهم؟!
فهذا يدل على اختلال في العمل القلبي الواجب من محبة الخير للمسلمين
كما يحب لنفسه، وهي عبادة قلبية، فالحسد يذهب الحسنات .

ثانياً:الأعمال القلبية أساس النجاة من النار والفوز بالجنة: كالتوحيد فهو
عبادة قلبية محضة، وسلامة الصدر للمسلمين عبادة قلبية، وتعرفون جميعاً
حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ:

[ يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ]

فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ تَنْطِفُ لِحْيَتُهُ مِنْ وُضُوئِهِ قَدْ تَعَلَّقَ نَعْلَيْهِ فِي يَدِهِ
الشِّمَالِ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ فَطَلَعَ ذَلِكَ
الرَّجُلُ مِثْلَ الْمَرَّةِ الْأُولَى فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مِثْلَ مَقَالَتِهِ أَيْضًا فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ الْأُولَى فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ إِنِّي لَاحَيْتُ
أَبِي فَأَقْسَمْتُ أَنْ لَا أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤْوِيَنِي إِلَيْكَ حَتَّى تَمْضِيَ
فَعَلْتَ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَنَسٌ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاثَ
فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ شَيْئًا غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا تَعَارَّ وَتَقَلَّبَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللَّهَ
عَزَّ وَجَلَّ - يعني إذا حصلت له انتباهه ذكر الله، لم ير قيام ليل، ولا صيام
نهار، ولا كثرة ذكر، ولا كثرة تلاوة للقرآن- قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَلَمَّا مَضَتْ الثَّلَاثُ
لَيَالٍ وَكِدْتُ أَنْ أَحْتَقِرَ عَمَلَهُ قُلْتُ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنِّي لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي غَضَبٌ
وَلَا هَجْرٌ ثَمَّ وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَكَ ثَلَاثَ مِرَار:
[ٍ يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ] فَطَلَعْتَ أَنْتَ الثَّلَاثَ مِرَارٍ
فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إِلَيْكَ لِأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ فَأَقْتَدِيَ بِهِ فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَثِيرَ عَمَلٍ فَمَا
الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ-
ولاحظوا إخلاص السلف رضي الله عنهم، ما قال:إني صاحب أعمال كثيرة،
وصعب أن أحصيها لك الآن، ولا أريد أن أظهر عملي، ليظهر كأن عنده
بعض الأعمال العظيمة - قَالَ فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي فَقَالَ مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ غَيْرَ
أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا وَلَا أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ
اللَّهُ إِيَّاهُ. ليس في قلبه غل على أحد، ولا حسد لأحد من المسلمين، فماذا قال
عبد الله بن عمرو بن العاص- وهو من علماء الصحابة وعبادهم، كان يصوم
الدهر حتى نهاه الرسول صلى الله عليه وسلم وما زال به حتى أقره أن يصوم
يوماً ويفطر يوماً، وكان يختم القرآن في صلاة الليل في كل ليلة لما سمعه
عبد الله بن عمرو بن العاص ماذا قال ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ
وَهِيَ الَّتِي لَا نُطِيقُ'
رواه أحمد .

تأملوا في هذه الجملة وقفوا عندها طويلاً:' هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ ' من قالها ؟
إنسان عالم،عابد، من أعبد الناس، زوجه أبوه امرأة من أشراف قريش يقول
فجاء عمرو بن العاص بعد سبعة أيام إلى زوجة عبد الله بن عمرو فسأل عنه
فقالت:' نِعْمَ الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يَطَأْ لَنَا فِرَاشًا وَلَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفًا مُنْذُ أَتَيْنَاهُ'.
ما قربها وما لمسها يقوم طول الليل، إذا غربت الشمس بدأ في ورده، وإذا
صلى العشاء بدأ القيام إلى الفجر، ثم هو صائم، فلم يعجب ذلك أباه فذهب إلى
النبي صلى الله عليه وسلم وشكاه، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم ... الخ
القصة المعروفة. رواها البخاري ومسلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق