الأحد، 7 نوفمبر 2021

الفقير

 الفقير



نشأ في أسرة فقيرة تكاد لا تجد ما يكفيها.. أخذ يبحث عن عمل لعله يجد
ما يسد عوزه ويساعده على الإنفاق على أسرته.. كان يتمنى من الله
تعالى ويدعوه أن لا يحتاج إلى أحد من الناس..فوجد عملا في أحد
المطاعم وحمد الله على ذلك، وأخذ يعمل بكل جد ونشاط وإخلاص مع
ما في هذا العمل من مشقة، وما يتطلبه من جهد ووقت.. وكان كلما
يصبح يذكر الله تعالى ويدعوه بالبركة والتوفيق، ثم يخرج لعمله متوكلا
على الله الخالق فهو الرزاق الوهاب المعطي الكريم.. لم يدر بخلده يوما
من الأيام أن يكون من الأغنياء، فقد كان ذلك بعيدا عن مخيلته وحتى
عن أحلامه.. لكنه كان دائم التوكل على الله، عظيم الثقة به في أن يسد
حاجته، وييسر أموره، ويغنيه عن الناس.. ومع مرور الأيام والأعوام
بارك الله له في رزقه وأصبح صاحب محل.. وزاد دخله ونمت ثروته فقد
كان يزكيها بالصدقة، ويخرج زكاتها بلا تأخير كما أنه لم يكن يتأخر
عن محتاج قصده، ولا سائلا ببابه.. ولم يكن ينسى نعم الله عليه، فقد كان
يذكر لأبنائه أيام فقره، وكيف منّ الله عليه ورزقه من حيث لا يحتسب..
ثم تنوعت تجارته وعظمت ثروته حتى أصبح من أصحاب الملايين بعد أن
كان لا يملك قوت يومه، ولكن كل ذلك الغنى لم يغير منه شيئا..

فلم يزل ذلك الإنسان الطيب البار بوالديه، والذي لا يظلم أحدا، ولا يتعالى
على الغير.. المتواضع في مأكله وملبسه ومسكنه..كما كان حريصا على
أن يعطي كل من يعمل لديه كامل حقوقه حتى وإن كان على خلاف شديد
معه، فلم يكن يهضم لأحد حقا..ولم يجعله هذا الثراء يغدق على أولاده
بلا حساب كحال كثير من الأغنياء، بل كان يخشى عليهم الغرور والاتكال
على ثروة أبيهم وعدم السعي لطلب الرزق من الله تعالى؛ لذا لم يسرف
عليهم ولم يعطهم كل ما يتمنون بل جعلهم ينفقون كالمتوسط من الناس
ومن يحتاج لأكثر من ذلك فهو يعمل لديه بمقابل ومع ذلك فقد كان
يخصص يوما في الأسبوع يطعم فيه الطعام للفقراء وغيرهم، ويوزع
المواد الغذائية على الأربطة والأوقاف والأماكن التي يعلم بوجود
المحتاجين فيها وفي شهر رمضان المبارك يقصده المئات من المحتاجين
من كل مكان ينتظرون ما تجود به نفسه، فقد كان يعطي في رمضان
عطاء من لا يخشى الفقر، ويفرغ نفسه وكثيرا من العاملين لديه عدة أيام
قبل قدوم شهر رمضان المبارك لتجهيز المواد الغذائية وتقسيمها حتى يتم
توزيعها بلا مشقة على هؤلاء الفقراء الذين جاءوا إليه من مكان بعيد لقد
توكل على الله في جميع أموره فرزقه الله من حيث لا يحتسب، وأعطاه
غنى لم يطغيه ولم يغير من أخلاقه.. بل سخره لرضا الله تعالى وطاعته
والإنفاق في سبيله.. فقد كان ينفق ويعطي ويتصدق، ودائما يذكر أبنائه
بنعم الله عليه وكيف أنّ الله تعالى رزقه هذا الرزق الواسع بفضله وكرمه
تعالى وبسبب جده وصبره وتوكله على الله وعلمه بأن الرزق من عند
الله يهبه لمن شاء من عباده إذا اعتمد عليه ووكل أمره إليه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق