الخميس، 11 نوفمبر 2021

صبر الرسول صلى الله عليه وسلم

 

صبر الرسول صلى الله عليه وسلم


لقد ضرب لنا رسولنا الكريم أروع المثل في الصبر والتوكل على الله،
وكانت حياته حافلة بالمواقف التي تدل على ذلك، فقد تعرض بسبب
دعوته إلى الله لكثير من الإيذاء والاستهزاء والتكذيب.. فقد وصفه
المشركون بالشاعر والكاهن والمجنون، وكانوا يسعون أن يصدوه
عن دعوته بشتى الطرق والوسائل، ويحذروا الناس منه ويتهموه بالسحر
والتفريق بين الناس، ويؤذوا أتباعه أمامه حتى يجبروه على التخلي عن
دعوته رحمة بهم، لكنه كان يمر عليهم ويصبرهم ويعدهم بجنة عرضها
السماء والأرض، وكم سخروا منه ومن دعوته .

رموا السَّلا، وهي أمعاء الإبل على ظهره وبين كتفيه وهو ساجد يصلي
أمام الكعبة، وأخذوا يتضاحكون عليه حتى أن بعضهم يميل على بعض
من شدة الضحك ولم يزلها عنه إلا ابنته فاطمة رضي الله عنها.. حاصروه
صلى الله عليه وسلم هو وأهله وأتباعه في شعب أبي طالب حتى أكلوا
أوراق الشجر من الجوع .

حاولوا إغراءه بالمال والجاه والنساء على أن يترك الدعوة، لكنه ظل
صابرا محتسبا أمام التضييق والاضطهاد وأمام الإغراء والترغيب.
وقال كلمته المشهورة التي تدل على عظيم صبره وثقته بالله :

«والله لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في شمالي
على أن أترك هذا الأمر ما تركته، أو أهلك دونه» .

بقي ثلاث عشرة عاما يدعوا الناس في مكة فلم يؤمن معه إلا القليل،
فلم ييأس ولم يمل من دعوة الناس إلى الله، وعندما ذهب إلى الطائف
ليدعوهم إلى الله أغروا به أطفالهم وسفهاءهم؛ فرموه بالحجارة حتى
أدموا قدميه وألجؤوه إلى حائط (بستان) لبني ربيعة ومع ذلك لم يدع
عليهم بل دعا لهم بالهداية..ثم يسر الله لدعوته أن تجد مكانا خصبا
لتنطلق منه إلى أرجاء العالم وهي المدينة المنورة التي أكرم الله أهلها
بالإسلام ونصرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهاجر إليها واستقبله
أهلها بالحفاوة والتكريم، واهتزت المدينة فرحا بقدوم الرسول
صلى الله عليه وسلم ، وكانوا يتسابقون لطاعته وخدمته، ويفدونه
بأموالهم وأرواحهم، ويحبونه، ويحترمونه، ولا يملؤوا أعينهم منه حياء
منه وإجلالا له.. كانوا يبادرون إلى بصاقه، وما يسقط من شعره فيأخذوه
تبركا به..لقد أبدله الله عزًا وكرامة ورفعة وملكا ليس كملك بقية العرب..
ومع ذلك فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم شديد التواضع لأصحابه
رحيما بهم..وكان لصبره واعتماده على الله أكبر الأثر في نجاح دعوته
والنصر في المعارك التي خاضها مع قلة العدد والعدة، فقد عاش من
غزوة إلى أخرى طيلة العشر سنوات التي قضاها في المدينة فلم يجبن
ولم يفشل ولم ينهزم؛ بل قابل كل ذلك بصبر لم يعرف له التاريخ مثيلا...
فعوض الله صبره خيرا وانتشر الإسلام في عهده وبعد وفاته
صلى الله عليه وسلم حتى وصل إلى مشارق الأرض ومغاربها .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق