قال صلى الله عليه وسلم:
( استحيوا من الله حق الحياء قلنا: إنّا نستحيي من الله يا رسول الله والحمد
لله، قال: ليس ذلك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس
وما وَعَى، والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبِلى،
ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا، فمن فعل ذلك
فقد استحيا من الله حق الحياء )
رواه أحمد والبيهقي.
إن الحياء بهذا الشمول هو الدين كله، فكيف لا يستحيي المسلم من خالقه؟
وكيف لا يَوْجل إذا أساء إلى ربه صاحب الحق العظيم عليه الذي تغمره نِعَمه
وآلاؤه؟
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو قدوتنا وأسوتنا،
وقد جاء بالحياء المحمود في جميع أحواله وأقواله وأفعاله،
وكان أشدَّ حياء من العذراء في خِدْرها، وكان إذا رأى شيئاً يكرهه
عُرف في وجهه لما يبدو عليه من أثر الحياء والخجل،
وكان صلى الله عليه وسلم أرقّ الناس طبعاً، وأنبلهم سيرة،
لا يُشهّر بمن ارتكب خطأ أو معصية، أو يوبخه على مرأى
من الناس بل كان يقول:
(... ما بال أقوام يقولون كذا وكذا؟)
رواه أبو داود
بل ورد عنه صلى الله عليه وسلم:
( إنّ الله حَيِيٌّ سِتّير يُحب الحياء والستر )
رواه أبو داود
حتّى إنّه سبحانه وتعالى يكره من العاصي أن يجاهر بمعصيته،
يعصي بالليل ثم يخرج بالنهار فيخبر بها الناس،
قال صلى الله عليه وسلم:
( كل أمّتي معافى إلاّ المجاهرين )
رواه البخاري.
ومع كون رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدّ الناس حياءً،
فإنّه ما ترك النهي عن المنكر، ولا أقرّ باطلاً، ولا سكت على خطأ،
فإذا رأى حقاً لله يضيع أو حدوداً تُنتهك غضب غضباً
شديداً لا يقوم له أحد.
إنّ المرء إن مزّق حجاب الحياء عن وجهه ذهبت أخلاقه أدراج
الرياح، فلا يستحيي من دَنِيّة، ولا يخجل من رذيلة،
لا يعرف إلا ما يُغويه ويُغريه، يقترف ما أراد
وإن كان في ذلك هلاك العباد وخراب البلاد؛
لأنه رقيع صفيق يصدق فيه قول
المصطفى صلى الله عليه وسلم:
( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت) متفق عليه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق