الخميس، 27 يوليو 2017

التعصب المذهبي


 
- التعصب المذهبي :
داء يسري في النفوس يحمل صاحبها على مخالفة الدليل من أجل مذهب
درج عليه، فتراه ينافح عن قول إمامه ومذهبه وإن علم أن الحق بخلافه!.
والأئمة الأربعة رحمهم الله، نصوا على الأخذ بالدليل وإن كان مخالفا
لقولهم. وهذا من تعظيمهم رحمهم الله للأثر، وصرف أتباعهم إلى الأخذ
بالدليل وأن يكونوا مع الدليل والحق حيثما دار.
 
قال الإمام أبو حنيفة:
إذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلى العين والرأس
 
 وقال الإمام مالك:
ما من أحد إلا ويؤخذ من قوله ويترك، إلا صاحب هذا القبر-
 وأشار إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم
 
 وقال الإمام الشافعي:
كل ما قلت، وكان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف قولي
 مما يصح، فحديث النبي صلى الله عليه وسلم أولى، ولا تقلدوني
 
 وقال الإمام أحمد:
 لا تكتبوا عني شيئا، ولا تقلدوني، ولا تقلدوا فلانا وفلانا - وفي رواية:
مالكا، والشافعي، والأوزاعي، ولا الثوري - وخذوا من حيث أخذوا.
 
[ومع أن الأئمة نصوا على عدم تقليدهم، والأخذ بالدليل وإن كان مخالفا
لأقوالهم، إلا أن ذلك لم يمنع من وجود طائفة تعصبت لأقوال أئمتهم،
وغلوا في ذلك غلوا كبيرا، فمن أقوال بعض المتعصبة:]
 
 قال الحصفكي في أبيات يمدح بها الإمام أبا حنيفة منها:
فلعنة ربنا أعداد رمل       على من رد قول أبي حنيفة
 
وأنشد منذر بن سعيد عدة أبيات تصور حالة تشبث المالكية
بقول الإمام بدون دليل فقال:
عذيــري من قوم يقولون كلمـا       طلبت دليلا: هكذا قال مـالك
فإن عدت قالوا هكذا قال أشهـب       وقد كـان لا تخفى عليه المسالك
فإن زدت قالوا: قال سحنون مثلـه       ومــن لم يقل ما قاله فهو آفك
فإن قلت: قال الله، ضجوا وأكثروا       وقالوا جميعا: أنت قـرن مماحك
وإن قلت: قد قال الرسول، فقولهم       أتت مالكا في ترك ذاك المسالك
 
وقال إمام الحرمين الجويني الشافعي:
 نحن ندعي أنه يجب على كافة العاقلين وعامة المسلمين شرقا وغربا،
بعدا وقربا - انتحال مذهب الشافعي. ويجب على العوام الطغام  والجهال
الأنذال أيضا انتحال مذهبه بحيث لا يبغون عنه حولا،
 ولا يريدون به بدلا.
 
 وقال أحد الحنابلة:
أنا حنبلي ما حييت وإن أمت       فوصيتي للناس أن يتحنبلوا
 
[ والحق هو اتباع الدليل والأخذ به ممن قاله، ولا يقدح ذلك فيمن
ترك مذهبه في مسألة، ولا يعتبر مخالفا لإمامه، بل هو متبع له
كما نصوا على ذلك].
 
قال أبو مزاحم الخاقاني في شعر له:
أقول الآن في الفقهاء قــولا       على الإنصاف جد به اهتمامي
أرى بعد الصحابة تابعيهــم       لـــذي فتياهم بهم ائتمامي
علمت إذا عزمت على اقتدائي       بهم أني مصيب في اعتزامــي
وبعـد التـابعـين أئمـة لي       سأذكر بعضهم عند انتظــام
فسفيان العـراق ومالـك في       حـــجازهم  وأوزاعي شام
ألا وابن المبـارك قــدوة لي       نعــم والشافعي أخو الكرام
ممن أرتضــي فأبو عبيــد       وأرضــى بابن حنبـل الإمام
فآخذ من مقالهم اختيــاري       وما أنا بالمباهي والمســـامي
وأخذي باختـلافهم مبـاح       لتوسيـع الإله على الأنــام
ولست مخالفا إن صح لي عن       رسول الله قول بالكـــلام
إذا خالفت قول رسـول ربي       خشيت عقاب رب ذي انتقـام
وما قال الرسول فلا خـلاف       له يارب أبلغـه سلامــــي
 
 صورة من صور التعصب:
 قال الطوفي: رأيت بعض العامة، وهو يضرب يدا على يد، ويشير إلى
رجل، ويقول: ما هذا إلا زنديق، ليتني قدرت عليه، فأفعل به، وأفعل،
فقلت: ما رأيت منه؟ فقال: رأيته وهو يجهر بالبسملة في الصلاة !. [1]
 
 [1] - زوابع في وجه السنة/ صلاح الدين مقبول أحمد، ص 222، 224،
225، ومختصر (جامع بيان العلم وفضله / لابن عبد البر/ ص 253)

(قول الطوفي في شرح مختصر الروضة 2/165).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق