الأربعاء، 28 نوفمبر 2018

كيف أتعامل مع زميلتي؟

كيف أتعامل مع زميلتي؟

أ. مروة يوسف عاشور

السؤال

♦ الملخص:

فتاة تشكو من أفعال زميلتها وتعاليها، وأنها تريد أن تكون الأفضل

على حساب الآخرين، ولا تعرف كيف تتعامل معها.


♦ التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إحدى زميلاتي تريد أن تكون الأفضل، ودائمًا تريد أن يُشار لها بالبنان،

وتُريد أن تفرضَ سيطرتها على مَن حولها؛ فمثلًا: حينما يأتي أحد

ويُسلِّم عليَّ ولا يسلم عليها تتحسَّس مِن ذلك، بل تنهال عليَّ

بالكثير من الكلمات: لماذا سلَّموا عليكِ وأنا لا؟!

كل ما يهم زميلتي هذه ألا تتشوه سُمعتها، وألا يذكرها أحد بسوء،

حتى لو ارتكبتْ خطأ فمن المستحيل أن تعترفَ به أو تُقر به.

مِن مواقفها معي أنها كانت تُكلِّمني في الهاتف، ثم تكلمنا عن زميلة أخرى،

ثم وصلتْ لها الكلام حرفيًّا عن طريق تسجيل المكالمة،

وبالطبع غضبت زميلتنا التي تكلمنا عنها!

زميلتي هذه للأسف من الشخصيات التي يصعُب التعامل معها؛

فهي تحب أن يقال لها: نعم وأَبشري، بل إنَّ مَن يتعامل معها قد يتحمَّل خطأً لم يَرتكبه

لأجل أن ترضى، ولو أخطأتْ لا تَعتذر!

مشكلتي أنني إنسانة طيبة واجتماعية وحسَّاسة جدًّا، ولا أحب أن

أُغضب أحدًا مني، لكنني فقدت ثقتي في زميلتي هذه..

بارك الله فيكم، ونفع بكم.

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرين، فقال:

( إنهما ليُعذَّبان، وما يُعذَّبان في كبير؛

أما أحدهما فكان لا يتنزَّه من بوله،

وأما الآخر فكان يَمشي بالنميمة... ).

ومِن أكثر ما زاد من الخصومة بين المسلمين، وأفسد العلاقات بين الناس،

وأوقع الضغينة في النفوس، وأشعلَ الحقد

في القلوب: تلك العادة المُستقبحة (النميمة)!

ومما يؤسَف له أنها صارتْ منتشرةً في مجالس الرجال والنساء بصورة

يَحزن لها القلب، وتتفطَّر منها الأنفس، وتأنفها الفِطَر السليمة.

أيتها الفاضلة، لقد وقعتِ في إثم عظيم، وتجلَّى قبحه أمامكِ حينما

أطلعتِ عليه صديقتكِ، وعلمت به فاستحييتِ من فعلتكِ واستقبحتِ

عملكِ وشعرتِ بالاستياء الشديد مما جَنى لسانُكِ،

فكيف بفضيحة الآخرة وعرض الأعمال على الملأ؟

{ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ

إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }

[التوبة: 105].

فإن كنتِ تَشعرين بالسوء مما فعلتْ تلك الزميلة فقد أهدتْ لكِ في

الحقيقة هدية؛ أن أيقظتكِ من التمادي في الغيبة، وبيَّنت لكِ مدى

بشاعتها، فلعلكِ تَستعينين بذلك الموقف على علاج نفسكِ من هذا

المرض المُهلِك المحبط لصالح الأعمال، ويكون الموقف رغم صعوبته

ومشقَّته، وما سبَّب لك مِن حرج وعَنَت خير مُعين لكِ على

أن تتجنَّبي الوقوع في الغيبة مهما كانت الدوافع.

أيتها الفاضلة، لا يَصلح مع مَن خلع ثوب الحياء، وجاهر بالعداوة،

وامتطى صهوة الغلِّ إلا المواجَهة بقوة وحزمٍ، وإن كانت بعض

الزميلات أو الصديقات يخشَين تلك المرأة، ويتَّقين شرَّها،

فخير ما أنصحكِ به - حتى وإن كانت مجاورة لكِ في سكن أو عمل

أو غير ذلك - أن تُبيني لها النفور، والرغبة في الابتِعاد عنها،

والتعامل معها في أضيق الحدود؛ بألا تُحاولي مجادلتها فيما تدَّعي أو تتحدَّث،

ولا تَنساقي وراء أحاديثها، ولا تردِّي الاتهامات الموجَّهة إليكِ مهما

عملتِ على إشعال النار أو تَشويه سمعتكِ لتلمَع هي أمام الجميع،

بل اكتفي برد حاسم ومُختصر جدًّا، وبنبرة هادئة توحي باللامبالاة

تجاه كل ما تفعل، فتلك الشخصية العدائية تستمتع بخلْق المشكلات

وتأجيج النيران بين من حولها حتى تظهرَ بمظهر أقوى وأعلى،

وتُنصِّب نفسها حكمًا على غيرها، وبقدْر إهمالها، والتغاضي في حسم

وجرأة عما تفعل سيكون إحباطها في كل ما تجني وتتعب في تحصيله،

وإن تيسَّر أن تنصحي زميلاتكِ اللائي يخشينها بأن يفعلْن مثل ذلك؛

فتصل إليها رسالة أنه ليست تلك الطريقة التي

تكسب بها قلوب الناس وتتقرَّب إليهم.

ولا تُنكري ما تحدَّثتِ به عن زميلتكِ واعترفي به بشجاعة،

وتحلَّلي منها قبل ألا يكون دينار ولا درهم.

والله الموفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل

منقول للفائدة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق