الجمعة، 20 نوفمبر 2020

من قصة إبراهيم عليه السلام

 من قصة إبراهيم عليه السلام


أول شيء رفضه الأنبياء جميعاً هو عبادة الأصنام، فهذا خليل الرحمن
إبراهيم عليه السلام يبدأ بأبيه الذي كان يتخذ آلهة من الأصنام فيقول
منكراً عليه هذا العمل

{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً
إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ}
[الأنعام: 6/74

وتتكرر قصة إبراهيم عبر آيات القرآن، ولكن في موضع آخر يوجه
النداء إلى أبيه وقومه معاً فيقول:

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ {69} إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ {70}
قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ}
[الشعراء: 26/69 ـ 71].

الملفت للانتباه في هذين النصين من كتاب الله أن كلمة {أصناماً} لم
ترد في القرآن كله إلا في هاتين السورتين فقط. ودائماً في سياق قصة
إبراهيم، بكلمة أخرى كلمة {أصناماً} خاصة بقصة سيدنا إبراهيم عليه السلام.
وهنا نكتشف شيئاً جديداً وهو أن كل كلمة من كلمات القرآن تستخدم
استخداماً دقيقاً جداً من أول القرآن وحتى آخره.

إذن نحن أمام نظام لغوي مُحْكَم، يرافقه نظام رقمي مُحْكَم أيضاً، ولكن
كيف ذلك، وما علاقة سورة الأنعام بسورة الشعراء؟ وما علاقة الرقم
{7} بذلك؟

عندما نقوم بصَف رقمي السورتين {6 ـ 26} يتشكل لدينا عدد جديد
هو {266} {مئتان وستة وستون}، إن هذا العدد من مضاعفات الرقم
{7}، أي ينقسم على {7} تماماً:

266 = 7 × 38

إن هذه النتيجة تتكرر كثيراً في كلمات القرآن، فمثلاً نجد البيان القرآني
يثني على إبراهيم عليه السلام وصبره وكثرة رجوعه إلى الله تعالى
وشدة حِلمِه وإنابته للخالق عز وجل.

يقول عز وجل في مُحْكَم الذكر عن إبراهيم عليه السلام:

{وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ
فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ}
[التوبة: 9/114]،

ويتكرر هذا الثناء على إبراهيم عليه السلام في سورة أخرى، يقول
تعالى:
{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ}
[هود: 11/75].

وهنا نجد حقائق لغوية ورقمية، فكلمة {أواه} في القرآن لم ترد إلا في
هاتين السورتين، وكما نرى الحديث دائماً مرتبط بصفة لإبراهيم عليه
السلام، وكأن الله تعالى قد خَصَّ كل نبيٍّ بصفات لم يعطها لغيره. فكلمة
{أواه} هي صفة لسيدنا إبراهيم عليه السلام، وهذه حقيقة لغوية
لا يمكن ّّّلأحدٍ أن ينكرها.

وهنا نجد النظام نفسه يتكرر مع هذه الكلمة، فعندما نقوم بصفّ رقمي
السورتين {9 ـ 11} نجد عدداً جديداً هو {119}، هذا العدد أيضاً
ينقسم على {7} من دون باق:

119 = 7 × 17

وهنا لدينا ملاحظة مهمة وهي أن سورة التوبة نزلت بعد سورة هود
بسنوات ولكننا نجد ترتيبها في القرآن بعكس ذلك. وهنا ربما نستنتج
جزءاً من الحكمة في تسلسل سور القرآن بالشكل الذي نراه. فقد
اقتضت حكمة الله تعالى أن يختار ترتيباً لسور كتابه يناسب النظام
الرقمي المُحْكَم لهذه السور، فلو تغيرَّ هذا الترتيب لاختل هذا النظام,
والله تعالى أعلم.

إذن ترتيب سور القرآن تم بوحي وقدرة وإلهامٍ من الله سبحانه وتعالى،
وهذا دليل على صدق هذا القرآن وصدق رسالة الإسلام إلى البشر جميعاً.

ويجب ألا يخفى علينا أن الله تعالى قد نظَّم كل شيء في هذا الكون،
كذلك نظمَّ كل شيء في هذا القرآن.
من كتاب الإعجاز القصصي في القرآن الكريم

بقلم المهندس/ عبد الدائم الكحيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق