الاثنين، 16 نوفمبر 2020

كلمة لأربع أنبياء


 كلمة لأربع أنبياء

يبشر الله عباده المؤمنين برسول كريم اسمه أحمد ‘، وتأتي البشرى
على لسان روح الله وكلمته المسيح عيسى بن مريم عليه السلام فيقول
هذا الرسول الكريم لبني إسرائيل مبشراً لهم:
{وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً
لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ
فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ} [الصف: 61/6].

ونحن نعلم أنه لا نبي بعد رسول الله ‘ فهو خاتم النبيين.

إن عبارة {من بعدي} في هذه الآية تدل على زمن، هذه العبارة تكررت
في القرآن، ونسأل: كيف تكررت هذه العبارة وعلى لسان مَن وردت؟
وما هو ترتيب الآية السابقة التي جاءت على لسان المسيح
عليه السلام؟ لنستمع إلى هذه الآيات الأربعة:

1 ـ {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ
مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ
إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة:2/133].

2 ـ {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي
مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ
قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ
الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأعراف: 7/150].

3 ـ {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي
إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} [ص: 38/35].

4 ـ {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم
مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ
أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ} [الصف: 61/6].

إن كلمة {بعدي} لم ترد إلا في هذه الآيات الأربعة من القرآن، ولكن
السؤال على لسان من وردت هذه الآيات؟ إذا استعرضنا هذه الآيات من
القرآن وجدنا أن:
1 ـ الآية الأولى في سياق قصة يعقوب عليه السلام.
2 ـ الآية ثانية في سياق قصة موسى وهارون عليهما السلام.
3 ـ الآية الثالثة في سياق قصة داود وسليمان عليهما السلام.
4 ـ الآية الرابعة في سياق قصة المسيح عليه السلام والبشرى.

هذه لغة القصة في كتاب الله تعالى, ولكن ماذا تخبرنا لغة التاريخ؟
إن تسلسل هذه الآيات الأربعة مطابق تماماً للتسلسل التاريخي لهذه
القصص، فنحن جميعاً نعلم دون خلاف أن التسلسل التاريخي للأنبياء
الأربعة هو: يعقوب ثم موسى ثم داود ثم المسيح عليهم السلام، لذلك
جاء تسلسل الآيات الأربعة موافقاً لهذا الترتيب. وهنا ربما ندرك
الحكمة من أن ترتيب سور المصحف يختلف عن ترتيب نزول سور
القرآن، لأن هذا الترتيب فيه معجزة!

ولكن هنالك ملاحظة مذهلة وهي أن كلام المسيح عليه السلام
والبشرى التي جاء بها، ورد في آخر هذه الآيات وهذا دليل على أنه
لا نبي بعد رسول الله ‘. وهذا ليس كل شيء فلا يزال هنالك المزيد،
فالأرقام لها حديث هنا، فلو قمنا بكتابة أرقام السور الأربعة حيث وردت
كلمة {بعدي} نجد أن العدد الذي يمثل هذه السور الأربعة هو
{613872} يقبل القسمة على {7} تماماً:
613872 = 7 × 87696
والعدد الناتج من هذه العملية هو {87696} أيضاً ينقسم على {7}
تماماً:
12528 × 7 = 87696

الترتيب الزمني للقصة
الإسلام هودين العلم، لذلك فقد علمَّ الله أنبياءه ورُسلَه الكرام فقال في
حق يعقوب عليه السلام: {وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم
مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا
وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}
[يوسف: 12/68].

أما العبد الصالح في قصته مع موسى عليه السلام فقد قال الله فيه
{فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً}
[الكهف: 18/65].

وفي قصة داود وسليمان عليهما السلام فقد علمَّ الله سليمان علوماً
كثيرة فقال: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ
فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ} [الأنبياء: 21/80].

ولكن عندما يكون الحديث عن خاتم النبيين يأتي البيان الإلهي ليمدح
هذا النبي الأمي ‘ ويؤكد بأن كل كلمة نطق بها إنما هي وحي من عند
الله تعالى. يقول تعالى عن نبيه وحبيبه المصطفى عليه الصلاة
والسلام: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ}
[يس: 36/69].

والعجيب حقاً أن كلمة {عَلَّمْنَاهُ} وردت مع أنبياء الله وعباده المؤمنين
دائماً بصيغة الإثبات إلا مع الرسول الأعظم ‘ فقد جاءت بصيغة النفي
{وما عَلَّمْنَاهُ} ليؤكد لنا أن القرآن هو كتاب الله تعالى وليس للرسول ‘
ولا حرفاً فيه بل كلٌّ من عند الله. وهذه الحقيقة اللغوية ثابتة لأن كلمة
{عَلَّمْنَاهُ} تكررت في القرآن كله 4 مرات، والحديث عن 4 عباد
صالحين هم: يعقوب ـ الخَضِر ـ داود ـ محمد عليهم السلام وجاء ترتيب
هذه الآيات الأربعة موافقاً ومطابقاً للتسلسل التاريخي.

1 ـ قصة يعقوب عليه السلام.
2 ـ قصة موسى مع الخضر عليهما السلام.
3 ـ قصة داود وسليمان عليهما السلام.
4 ـ حديث عن محمد صلى الله عليه وسلم.
ونتساءل: هل جاء الترتيب الزمني والترتيب القرآني متطابقاً بالمصادفة؟
وهل يمكن لمصادفة أن تتكرر؟
لنكتب أرقام السور الأربعة حيث وردت هذه الكلمة حسب تسلسلها
في القرآن:
وهنا نجد الإعجاز الرقمي لهذه الأعداد، فالعدد الجديد المتشكل من
أرقام هذه السور الأربعة هو {36211812} يقبل القسمة على
{7} تماماً:
36211812 = 7 × 5173116

بعد هذه النتائج التي لا تقبل الجدل فلغة الأرقام هي لغة يقينية وثابتة،
وبعدما رأيناه من إعجاز لغوي وتاريخي ورقمي نطرح سؤالاً على كل
من لم يؤمن بهذا القرآن: كيف جاء هذا النظام المُحْكَم؟ هل كان
الرسول الكريم ‘ متفرغاً للحسابات والأرقام؟ هل كان أصحابه رضوان
الله عليهم عندما جمعوا القرآن ورَّتبوه بالشكل الذي نراه وبالشكل
الذي ارتضاه الله لكتابه، هل كانوا علماء في الرياضيات
والأنظمة الرقمية؟
من كتاب الإعجاز القصصي في القرآن الكريم

بقلم المهندس/ عبد الدائم الكحيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق