الثلاثاء، 17 نوفمبر 2020

التحذير من الانتحار

 التحذير من الانتحار


لا يجوز للمسلم الإقدام على جريمة الانتحار؛ لأن قتل النفس عمدًا محرمٌ

وكبيرةٌ من كبائر الذنوب؛ قال تعالى:



{ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ }

[البقرة: 195]؛



قال الإمام السعدي رحمه الله: "فعل ما هو سبب موصل إلى تلف النفس"؛

[تفسير السعدي، ص: 90].



قال سبحانه:



{ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا *

وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا }

[النساء: 29، 30]؛ قوله: { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ }:

قال الإمام السعدي رحمه الله: "لا يقتل بعضكم بعضًا، ولا يقتل الإنسان

نفسه، ويدخل في ذلك الإلقاء بالنفس إلى التهلكة، وفعل الأخطار المفضية

إلى التلف والهلاك، { إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا }: ومن رحمته أن صان

نفوسكم وأموالكم، ونهاكم عن إضاعتها وإتلافها، ورتب على ذلك

ما رتبه من الحدود"؛ [تفسير السعدي، ص: 175].



اليأس ليس من صفات المؤمنين:

قال تعالى حكاية عن خطاب نبيه يعقوب عليه السلام لأبنائه:

{ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ }

[يوسف: 87]، وقال تعالى: { قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ }

[الحجر: 56]، وقال جل جلاله: { قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ

لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا } [الزمر: 53].



نبينا عليه السلام يحذرنا من الانتحار:

• روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم

قال: ((من تردَّى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدًا

مخلَّدًا فيها أبدًا، ومن تحسَّى سُمًّا فقتل نفسه، فسُمُّه في يده يتحسَّاه في نار

جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يجَأُ بها

في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا))؛

[البخاري حديث: 5778، مسلم حديث: 109].



• روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال النبي صلى الله عليه وسلم:

((الذي يخنق نفسه يخنقها في النار، والذي يطعنها يطعنها في النار))؛

[البخاري حديث: 1365].



• روى الشيخان عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

((من قتل نفسه بشيء في الدنيا عُذِّب به يوم القيامة))

[البخاري حديث: 6047، مسلم حديث: 110].



• روى البخاري عن جندب بن عبدالله رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:



((كان فيمن كان قبلكم رجلٌ به جُرحٌ، فجزِع، فأخذ سكِّينًا فحزَّ بها يده،

فما رقأ الدم حتى مات، قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه؛

حرمتُ عليه الجنة))؛ [البخاري حديث: 3463].




الصلاة على المسلم المنتحر:

تجوز صلاة الجنازة على كل مسلم منتحر قال كلمة التوحيد: لا إله إلا الله،

محمد رسول الله، ولكن تغلَّب عليه الشيطان فجعله يقتل نفسه متعمدًا.



قال الإمام ابن بطال رحمه الله: "أجمع الفقهاء وأهل السنة أن من قتل نفسه

أنه لا يخرج بذلك عن الإسلام، وأنه يصلَّى عليه، وإثمه عليه كما قال الإمام

مالك بن أنس، ويُدفن في مقابر المسلمين"؛

[شرح صحيح البخاري لابن بطال، ج: 3، ص: 349].



وقال القاضي عياض رحمه الله: "مذهب العلماء كافةً الصلاةُ على كل مسلم

ومحدود ومرجوم وقاتل نفسه وولد الزنا"؛

[صحيح مسلم بشرح النووي، ج: 7، ص: 47].



وقال الشيخ عطية صقر رحمه الله: "المنتحر الذي لم يُعلَم استحلاله للانتحار

مؤمن، فيصلَّى عليه صلاة الجنازة"؛ [فتاوى دار الإفتاء المصرية، ج: 8،

ص: 277]. وقال الإمام عبدالعزيز بن باز رحمه الله: "يصلي على المنتحر

بعض المسلمين كسائر العصاة؛ لأنه لا يزال في حكم الإسلام عند أهل

السنة"؛ [مجموع فتاوى ابن باز، ج: 13، ص: 162].

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق