السبت، 16 أكتوبر 2021

وأيُّ خيرٍ في من سكت

وأيُّ خيرٍ في من سكت


*وأيُّ خيرٍ في من سكَت،
ومحارم الله تَضيع وتُنتهَك؟!*

قال ابن القيّم في "إعلام المُوقّعين":
"وأيُّ دينٍ، وأيُّ خيرٍ؛ في مَن يَرى مَحارمَ الله تُنتهَك، وحدودَه تُضاع،
ودينَه يُترك، وسُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يُرغب عنها؛ وهو
باردُ القلب، ساكتُ اللسان، شيطانٌ أخرس؟! كما أن المتكلم بالباطل،
شيطانٌ ناطق. وهل بَلِيَّةُ الدِّين إلا مِن هؤلاء الذين إذا سَلِمَتْ لهم مآكلُهم
ورياساتُهم، فلا مبالاة بما جَرى على الدِّين، وخيارُهم المُتحزِّن المُتلمِّظ؟!
ولو نُوزِع في بعضِ ما فيه غَضاضةٌ عليه في جاهِه أو مالِه بذَل وتبذَّل،
وجدَّ واجتهَد، واستعملَ مراتبَ الإنكار الثلاثة، بحَسب وِسْعه! وهؤلاء مع
سُقوطهم مِن عَين الله، ومَقت الله لهم، قد بُلوا في الدنيا بأعظم بَليَّة تكون،
وهم لا يشعرون، وهو موت القلوب؛ فإن القلبَ كلَّما كانت حياتُه أتمّ، كان
غضبُه لله ورسوله أقوى، وانتصارُه للدين أكمَل".

هذا التشنيع على الساكتين؛ فكيف بمن سار في ركب أعداء الدين؟!
ليس كلّ سكوتٍ رخصة ولا كلّ اعتزالٍ حُجّة؛ فلا يجوز للعالِم أن يُطيل
صمتَه دون بيان أو إنكار، والباطل أمام عينيه ينتفش ويتفشَّى، ويتعدَّى
المسألة والمسألتين إلى أصول الدين وثوابته، وفروعه ومبادئه، حتى
فُرِّغ الدين عن مضمونه، وأُفرِغ من جوهر مكنونه، وصارت التُّهم
والطُعون تُلصَق به ليل نهار؛ ناهيك عن خوض من لا خلاق لهم في دين
المسلمين، والتلاعب بأحكام الله فيهم، والجهر على ملأ بالعقائد الباطلة،
والآراء المُحرَّفة، والأقيسة الفاسدة، تضييع شعائر الإسلام، ونقض
عُراها، واحدة تلو أخرى. ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق