الأحد، 29 أغسطس 2021

أسرار الكون بين العلم والقرآن (26)

أسرار الكون بين العلم والقرآن (26)

*



ذبذبات كونية هادئة

ولكن هذه الحقيقة العلمية هل هي حقيقة فعلاً، أم أنها نظرية وتوقع؟ وكما

نعلم لا يجوز لنا أبداً أن نقول في كتاب الله عز وجل برأينا دون يقين

وتثبّت. لذلك فقد تطلّب هذا الأمر مني جولة واسعة في عالم الأخبار

العلمية الجديدة ووجدتُ بأن وسائل الإعلام الغربية قد تناولت هذا الخبر،

وبالطبع لم يعارضه أحد لأنه مدعوم بالمنطق العلمي والعملي.

*

شكل (9) رسم يمثل مراحل تطور الكون من الانفجار الكبير حتى يومنا

هذا. ويعتقد العلماء أن الكون بدأ قبل 13.7 بليون سنة بانفجار كبير

ولا زال يتوسع حتى الآن، وهذا ما سبق به القرآن علماء هذا العصر

بقوله تعالى عن توسع الكون:

﴿والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون﴾ [الذاريات: 47].


شكل (10) بدأ الكون بانفجار عظيم، ثم تباعدت أجزاؤه مشكلة المجرات

والنجوم، والعجيب أن القرآن قد تحدث عن جميع هذه المراحل بدقة تامة،

يقول تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا

فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنبياء: 30].

*

إن الذي يتأمل القوانين الرياضية التي أودعها الله تعالى في الدخان

أو الغاز يجد ومن خلال ما يسمى بهندسة ميكانيك السوائل أن أي غاز

عندما يتمدد ويكبر حجمه يصدر عن هذا التمدد موجات قد تكون صوتية.

وذلك بسبب التغير في كثافة الغاز وحركة جزيئاته واحتكاكها ببعض مما

يولد هذه الأمواج.

*

وهذا ما حدث فعلاً في بداية نشوء الكون عندما كان دخاناً، فالتوسع

والتمدد أدى إلى احتكاك وتصادم مكونات هذا الحساء الكوني الحار،

وإطلاق هذه الأصوات التي تشبه حفيف الشجر. حتى إن بعض العلماء

قد رسموا خطاً بيانياً يمثل هذه الذبذبات الكونية.

*

إن هذه الآية تتحدث بوضوح شديد عن كلام للكون وهو في مرحلة

الدخان، ولكن لماذا سمَّى الله تعالى تلك المرحلة المبكرة من عمر الكون

بالدخان؟ إن هذه الكلمة هي الأقدر على التعبير عن حقيقة الكون في ذلك

الزمن. فالكون كان ممتلئاً بالغاز الحار جداً بالإضافة إلى الغبار الكوني،

وكان هذا الغاز يشبه الغيوم.

*

وبالفعل نجد أن العلماء استطاعوا رؤية غيوم من الغاز حول أحد النجوم

البعيدة جداً على حافة الكون المرئي، ويؤكدون أن النجوم تتشكل

*من غيوم الغاز هذه.

*

وتُظهر الصور الملتقطة لأحد النجوم أنه محاط بسحب من الدخان، ويبدو

كالمصباح المنير، فلولا هذا المصباح الكوني لم نستطع رؤية الغاز

والغبار حوله، وصدق الله تعالى عندما سمى هذه الأجسام البرَّاقة

بالمصابيح فقال: ﴿ وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ﴾ [فصلت: 12]، فتأمل!


*من كتاب أسرار الكون بين العلم والقرآن

للدكتور عبد الدائم الكحيل


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق