الجمعة، 3 سبتمبر 2021

موسوعة المؤرخين (127)

 موسوعة المؤرخين (127)


ابن العديم .. نسبه ومولده (03)
ابن العديم سفيرا بين الملوك
وأيضًا فقد اختير ابن العديم ليكونَ سفيرًا بين الملوك في أمور خطيرة،
ومهام سياسية، وقد ذكر المؤرخون سفاراتِه وهم يعرضون للأحداث
السياسية في القرن السابع الهجري، وأهم هذه السفارات كانت بين
عامي 654هـ- 657هـ .

أمَّا السفارة الأولى
فقد فصل القول فيه المؤرخ الكبير أبو الفداء، فقال: "في هذه السنة
(654هـ) توجه كمال الدين المعروف بابن العديم رسولاً من الملك الناصر
يوسف صاحب الشام إلى الخليفة المستعصم، وصَحِبَتْه تَقدِمَة جليلة،
وطلب خلعة من الخليفة لمخدومه، ووصل من جهة المعز ابن أيبك
التركماني صاحب مصر شمس الدين سنقر الأقرع، وهو من مماليك
المظفر غازي صاحب ميافارقين إلى بغداد بتقدمة جليلة، وسعى في تعطيل
خلعة الناصر يوسف صاحب دمشق، فبَقِيَ الخليفةُ مُتَحَيِّرًا، ثم إنَّه أحضر
سِكِّينًا من اليسم كبيرة، وقال الخليفة لوزيره: أعْطِ هذه السكين رسولَ
صاحب الشام علامةً مني في أنَّ له خلعةً عندي في وقت آخر،
وأمَّا في هذا الوقت فلا يُمكنني، فأخذ كمال الدين بن العديم السكين وعاد
إلى الناصر" .

وأمَّا السفارة الثانية
فقد ذكرها ابن كثير، فقال في حوادث سنة 657هـ، "وفيها قدم
القاضي الوزير كمال الدين عمر بن أبي جرادة المعروف بابن العديم
إلى الديار المصرية رسولاً من صاحب دمشق الناصر بن العزيز، يستنجد
المصريين على قتالِ التتار، وأنَّهم قد اقترب قدومُهم إلى الشام، وقد
استولوا على بلاد الجزيرة وغيرها، وقد جاز أشموط بن هولاكو خان
الفراتَ، واقترب من حلب" .

ولن نطيلَ في وصف ما حدث لابن العديم خلالَ سفارته في مصر أو في
بغداد، لكنَّنا فقط ذكرنا هاتين السِّفارتين؛ لنضربَ مثلاً من أعمالِ الرَّجُل
السياسية ومشاغله الدولِيَّة -كما هو معروف الآن- فقد زاد على عُلُوِّه
في الأدب والشعر والقضاء والفقه والثروة والغنى مكانةً عند الملوك،
فقد كان سفيرًا بين الدول في الساعات الصعبة والحَرِجة من تاريخ الدولة
الإسلامية؛ لأَنَّ التتار كانوا على أبوابِ الشام يُهدِّدون حاضرةَ الشمال،
وينذرونها بمصير كمصير بغداد، وبالفعل كان لهم ما أرادوا .
وهكذا بلغ ابنُ العديم بعلمِه وذكائه وعمله منزلةً ومكانةً رفيعة، فقد أصبح
من الوجاهة بحيث أصبح مَحطَّ الأنظار، يقصدُه العظماء، ويحجُّ إليه
الكبراء، ويَفِدُ إليه الشعراء .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق