قَالَ عِيَاض :
وَإِنَّمَا تَسَمَّى بَعْضُ الْعَرَب مُحَمَّدًا قُرْب مِيلَاده لِمَا سَمِعُوا مِنْ الْكُهَّان
وَالأَحْبَار أَنَّ نَبِيًّا سَيُبْعَثُ فِي ذَلِكَ الزَّمَان يُسَمَّى مُحَمَّدًا فَرَجُوا أَنْ يَكُونُوا هُمْ
فَسَمَّوْا أَبْنَاءَهُمْ بِذَلِكَ ,
قَالَ : وَهُمْ سِتَّة لا سَابِع لَهُمْ , كَذَا قَالَ .
وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي "الرَّوْض" :
لا يُعْرَف فِي الْعَرَب مَنْ تَسَمَّى مُحَمَّدًا قَبْل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
إِلا ثَلاثَة : مُحَمَّد بْن سُفْيَان بْن مُجَاشِع , وَمُحَمَّد بْن أُحَيْحَة بْن الْجُلاح ,
وَمُحَمَّد بْن حُمْرَان بْن رَبِيعَة.
وَسَبَقَ السُّهَيْلِيَّ إِلَى هَذَا الْقَوْل أَبُو عَبْد اللَّه بْن خَالَوَيْهِ فِي كِتَاب " لَيْسَ "
وَهُوَ حَصْر مَرْدُود .
وَقَدْ جَمَعْتُ أَسْمَاء مَنْ تَسَمَّى بِذَلِكَ فِي جُزْء مُفْرَد فَبَلَغُوا نَحْو الْعِشْرِينَ لَكِنْ
مَعَ تَكَرُّر فِي بَعْضهمْ وَوَهْم فِي بَعْض , فَيَتَلَخَّص مِنْهُمْ خَمْسَة عَشَر نَفْسًا .
وَأَشْهَرهمْ مُحَمَّد بْن عَدِيّ بْن رَبِيعَة بْن سِوَاءَة بْن جُشَم بْن سَعْد بْن زَيْد مَنَاة
بْن تَمِيم التَّمِيمِيّ السَّعْدِيّ ,
رَوَى حَدِيثه الْبَغَوِيُّ وَابْن سَعْد وَابْن شَاهِين وَابْن السَّكَن وَغَيْرهمْ مِنْ طَرِيق
الْعَلاء بْن الْفَضْل عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه عَبْد الْمَلِك بْن أَبِي سَوِيَّة عَنْ أَبِيهِ عَنْ
أَبِي سَوِيَّة عَنْ أَبِيهِ خَلِيفَة بْن عَبْدَةَ الْمَنْقَرِيِّ قَالَ :
[ سَأَلْت مُحَمَّد بْن عَدِيّ بْن رَبِيعَة : كَيْف سَمَّاك أَبُوك فِي الْجَاهِلِيَّة مُحَمَّدًا ؟
قَالَ : سَأَلْت أَبِي عَمَّا سَأَلَتْنِي
فَقَالَ : خَرَجْت رَابِع أَرْبَعه مِنْ بَنِي تَمِيم أَنَا أَحَدهمْ وَسُفْيَان بْن مُجَاشِع
وَيَزِيد بْن عَمْرو بْن رَبِيعَة وَأُسَامَة بْن مَالِك ,
بْن حَبِيب بْن الْعَنْبَر نُرِيد اِبْن جَفْنَة الْغَسَّانِيّ بِالشَّامِ ,
فَنَزَلْنَا عَلَى غَدِير عِنْد دَيْر , فَأَشْرَفَ عَلَيْنَا الدَّيْرَانِيُّ
فَقَالَ لَنَا : إِنَّهُ يُبْعَث مِنْكُمْ وَشِيكًا نَبِيّ فَسَارِعُوا إِلَيْهِ ,
فَقُلْنَا مَا اِسْمه ؟
قَالَ : مُحَمَّد .
فَلَمَّا اِنْصَرَفْنَا وُلِدَ لِكُلٍّ مِنَّا وَلَد فَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا لِذَلِكَ ]
اِنْتَهَى .
وَقَالَ اِبْن سَعْد :
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن مُحَمَّد عَنْ مَسْلَمَة بْن مُحَارِب عَنْ قَتَادَةَ بْن السَّكَن قَالَ :
[ كَانَ فِي بَنِي تَمِيم مُحَمَّد بْن سُفْيَان بْن مُجَاشِع , قِيلَ لأَبِيهِ إِنَّهُ سَيَكُونُ
نَبِيّ فِي الْعَرَب اِسْمه مُحَمَّد فَسَمَّى اِبْنه مُحَمَّدًا ]
فَهَؤُلاءِ أَرْبَعَة لَيْسَ فِي السِّيَاق مَا يُشْعِر بِأَنَّ فِيهِمْ مَنْ لَهُ صُحْبَة إِلا
مُحَمَّد بْن عَدِيّ .
وَقَدْ قَالَ اِبْن سَعْد لَمَّا ذَكَرَهُ فِي الصَّحَابَة :
عِدَاده فِي أَهْل الْكُوفَة .
وَذَكَرَ عَبْدَان الْمَرْوَزِيُّ :
[ أَنَّ مُحَمَّد بْن أُحَيْحَة بْن الْجُلاح أَوَّل مَنْ تَسَمَّى فِي الْجَاهِلِيَّة مُحَمَّدًا ,
وَكَأَنَّهُ تَلَقَّى ذَلِكَ مِنْ قِصَّة تُبَّع لَمَّا حَاصَرَ الْمَدِينَة وَخَرَجَ إِلَيْهِ أُحَيْحَة الْمَذْكُور
هُوَ وَالْحَبْر الَّذِي كَانَ عِنْدهمْ بِيَثْرِب فَأَخْبَرَ الْحَبْر أَنَّ هَذَا بَلَد نَبِيّ يُبْعَثُ
يُسَمَّى مُحَمَّدًا فَسَمَّى اِبْنه مُحَمَّدًا ]
وَذَكَرَ الْبِلاذَرِيّ :
مِنْهُمْ مُحَمَّد بْن عُقْبَة بْن أُحَيْحَة , فَلا أَدْرِي أَهُمَا وَاحِد نُسِبَ مَرَّة إِلَى جَدّه
أَمْ هُمَا اِثْنَانِ .
وَمِنْهُمْ مُحَمَّد بْن الْبَرَاء الْبَكْرِيّ ذَكَرَهُ اِبْن حَبِيب ,
وَضَبَطَ الْبِلاذَرِيّ أَبَاهُ فَقَالَ :
مُحَمَّد بْن بَرّ بِتَشْدِيدِ الرَّاء لَيْسَ بَعْدهَا أَلِف اِبْن طَرِيف بْن عُتْوَارَة بْن عَامِر
بْن لَيْث بْن بَكْر بْن عَبْد مَنَاة بْن كِنَانَة , وَلِهَذَا نَسَبُوهُ أَيْضًا الْعُتْوَارِيّ .
وَغَفَلَ اِبْن دِحْيَة فَعَدَّ فِيهِمْ مُحَمَّد بْن عُتْوَارَة وَهُوَ هُوَ نُسِبَ لِجَدِّهِ الأَعْلَى .
ـ وَمِنْهُمْ مُحَمَّد بْن الْيَحْمَد الأَزْدِيّ ذَكَرَهُ الْمُفَجَّع الْبَصْرِيّ فِي كِتَاب " الْمَعْقِد "
ـ وَمُحَمَّد بْن خَوْلِي الْهَمْدَانِيُّ وَذَكَرَهُ اِبْن دُرَيْد .
ـ وَمِنْهُمْ مُحَمَّد بْن حِرْمَاز بْن مَالِك الْيَعْمُرِيّ ذَكَرَهُ أَبُو مُوسَى فِي الذَّيْل .
ـ وَمِنْهُمْ مُحَمَّد بْن حُمْرَان بْن أَبِي حُمْرَان وَاسْمه رَبِيعَة بْن مَالِك الْجُعْفِيُّ
الْمَعْرُوف بِالشُّوَيْعِرِ ذَكَرَهُ الْمَرْزُبَانِيّ
فَقَالَ : هُوَ أَحَد مَنْ سُمِّيَ مُحَمَّدًا فِي الْجَاهِلِيَّة , وَلَهُ قِصَّة مَعَ اِمْرِئِ الْقَيْس .
ـ وَمِنْهُمْ مُحَمَّد بْن خُزَاعِي بْن عَلْقَمَة بْن حِرَابَة السُّلَمِيّ مِنْ بَنِي ذَكْوَانَ ذَكَرَهُ
اِبْن سَعْد عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّد عَنْ سَلَمَة بْن الْفَضْل عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق قَالَ :
سُمِّيَ مُحَمَّد بْن خُزَاعِي طَمَعًا فِي النُّبُوَّة .
وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ أَنَّ أَبْرَهَة الْحَبَشِيّ تَوَجَّهَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَغْزُو بَنِي كِنَانَة فَقَتَلُوهُ
فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَاب قِصَّة الْفِيل .
وَذَكَرَهُ مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سُلَيْمَان الْهَرَوِيُّ فِي كِتَاب " الدَّلائِل " فِيمَنْ
تَسَمَّى مُحَمَّدًا فِي الْجَاهِلِيَّة . وَذَكَرَ اِبْن سَعْد لأَخِيهِ قَيْس بْن خُزَاعِيّ يَذْكُرهُ
مِنْ أَبْيَات يَقُول فِيهَا :
فَذَلِكُمْ ذُو التَّاج مِنَّا مُحَمَّد وَرَايَته فِي حَوْمَة الْمَوْت تَخْفِق .
ـ وَمِنْهُمْ مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن مُغْفِل وَهُوَ وَالِد هُبَيْب وَهُوَ عَلَى شَرْط
الْمَذْكُورِينَ فَإِنَّ لِوَلَدِهِ صُحْبَة وَمَاتَ هُوَ فِي الْجَاهِلِيَّة .
ـ وَمِنْهُمْ مُحَمَّد بْن الْحَارِث بْن حُدَيْج بْن حُوَيْص ذَكَرَهُ أَبُو حَاتِم السِّجِسْتَانِي
فِي " كِتَاب الْمُعَمَّرِينَ " وَذَكَرَ لَهُ قِصَّة مَعَ عَمْرو وَقَالَ :
إِنَّهُ أَحَد مَنْ سُمِّيَ فِي الْجَاهِلِيَّة مُحَمَّدًا .
ـ وَمِنْهُمْ مُحَمَّد الْفُقَيْمِيّ , وَمُحَمَّد الأُسَيْدِيّ , ذَكَرَهُمَا اِبْن سَعْد وَلَمْ يَنْسُبهُمَا
بِأَكْثَر مِنْ ذَلِكَ .
فَعُرِفَ بِهَذَا وَجْه الرَّدّ عَلَى الْحَصْر الَّذِي ذَكَرَهُ السُّهَيْلِيُّ ,
وَكَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي , وَعَجَب مِنْ السُّهَيْلِيِّ كَيْف لَمْ يَقِف عَلَى
مَا ذَكَرَهُ عِيَاض مَعَ كَوْنه كَانَ قَبْله , وَقَدْ تَحَرَّرَ لَنَا مِنْ أَسْمَائِهِمْ قَدْر
الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي مَرَّتَيْنِ بَلْ ثَلاث مِرَار فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي السِّتَّة الَّذِينَ جَزَمَ
بِهِمْ مُحَمَّد بْن مَسْلَمَة ,
وَهُوَ غَلَط فَإِنَّهُ وُلِدَ بَعْد مِيلاد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمُدَّةٍ فَفَضَلَ لَهُ
خَمْسَة وَقَدْ خَلَصَ لَنَا خَمْسَة عَشَر ، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ .
الفتح لابن حجر (6/556-557) ط. المعرفة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق