الأحد، 30 يوليو 2017

جنود ليست من البشر


وإذا كانَ الأمرُ كذلك، فلماذا الإِحساسُ بِالضَّعفِ
أَمَامَ هَؤَلاءِ الأَعدَاءِ؟
 إَنَّهُ ـ وَالعِلمُ عِندَ اللهِ ـ لأننا لم نَنصُرِ اللهَ، وإلا فإننا لا نجهلُ وَعدَهُ،
 وهو القَائِلُ:
 
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُم ‏وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم *
وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعسًا لَّهُم وَأَضَلَّ أَعمَالَهُم }،
 
 والقائلُ:
 
{ وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ ‏مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ *
 الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُم فِي ‏الأَرضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ
 وَأَمَرُوا بِالمَعرُوفِ وَنَهَوا ‏عَنِ المُنكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ }
 
 كثيرٌ هُمُ الذينَ يُقِيمُونَ مُعَادَلاتِ القُوَّةِ وَالانتِصَارِ،
بِالنَّظَرِ إلى مَا ‏عِندَ بَعضِ الدُّوَلِ مِن أَسلِحَةِ الدَّمَارِ؟
 نَاسِينَ أَو مُتَنَاسِينَ أَنَّ هُنَاكَ جُنُودًا لا يَصنَعُها البَشَرُ، وَقُوًى ‏تَضِيعُ
 أَمامَها الحِيَلُ
 
{ وَمَا يَعلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ * وَمَا هِيَ ‏إِلا ذِكرَى لِلبَشَرِ }
 
إِنَّ مَا يَظهَرُ بَينَ حِينٍ وآخرَ مِن كَوَارِثَ ‏مُهلِكَةٍ، وما يحدُثُ مِن زَلازِلَ
مُدَمِّرَةٍ وَأَعاصِيرَ مُرَوِّعَةٍ، لهو ‏أَقوَى مَانِعٍ للهزيمةِ النَّفسيَّةِ والاستسلامِ،
الذي أُصيبَ به ‏أَقوَامٌ مِنَ المسلمين في هذا الزمانِ، نَتِيجَةً لما يرونه من
عدمِ ‏التكافؤِ بَينَهُم وبَينَ أَعدائِهِم في الأسبابِ المَادِيَّةِ، بَلْ إِنَّه لمما ‏يَدعُو
إلى مَزِيدٍ مِنَ الثِّقَةِ بنصرِ اللهِ لِعِبادِهِ، وَزَيَادَةِ التَّوَكُّلِ ‏عليه والإيمانِ بِصِدقِ
وَعدِهِ، مَا دَامَ المؤمنُ قَوِيَّ الصِّلَةِ به، ‏مُلتجِئًا إِليهِ مُعتَمِدًا عَلَيهِ
 
{ وَمَا النَّصرُ إِلاَّ مِن عِندِ اللهِ العَزِيزِ ‏الحَكِيمِ }‏
 
إن للهِ جُنُودًا يُرسِلُها على أَعدَائِهِ مُؤَيِّدًا بها ‏أولياءَهُ، منها الرِّيَاحُ
والأَعاصِيرُ، التي كانت وما تزالُ قُوَّةً ‏مُدَمِّرَةً مُهلِكَةً، ومنها الماءُ الذي
أَغرَقَ اللهُ به ويُغرِقُ مَن شَاءَ ‏نَصرًا لمن شَاءَ، ومنها الصَّيحَةُ والخَسفُ
والحَاصِبُ والحِجَارَةُ ‏، قال - سبحانه -:
 
{ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ * وَأَمَّا ‏عَادٌ
 فَأُهلِكُوا بِرِيحٍ صَرصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيهِم سَبعَ لَيَالٍ
‏وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا * فَتَرَى القَومَ فِيهَا صَرْعَى
كَأَنَّهُم أَعجَازُ ‏نَخلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ }
 
 وقال - سبحانه -‏‏:
 
{  فَفَتَحنَا أَبوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنهَمِرٍ *
وَفَجَّرنَا الأَرضَ عُيُونًا ‏فَالتَقَى المَاءُ عَلَى أَمرٍ قَد قُدِرَ *
 وَحَمَلنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلوَاحٍ ‏وَدُسُرٍ *
 تَجرِي بِأَعيُنِنَا جَزَاء لمَن كَانَ كُفِرَ }
 
 وقال ـ جل ‏وعلا ـ:
 
{ وَلَمَّا جَاء أَمرُنَا نَجَّينَا شُعَيبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ‏بِرَحمَةٍ مِنَّا
 وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ فَأَصبَحُوا فِي ‏دِيَارِهِم جَاثِمِينَ }
 
وقال - سبحانه -:
 
{ إِنَّا أَرسَلنَا عَلَيهِم ‏حَاصِبًا إِلا آلَ لُوطٍ نَّجَّينَاهُم بِسَحَرٍ }
 
 وقال - سبحانه -:
 
 { أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَن يَخسِفَ اللهُ بِهِمُ الأَرضَ
 أَو ‏يَأتِيَهُمُ العَذَابُ مِن حَيثُ لاَ يَشعُرُونَ }
 
وقال - تعالى -:
 
{ ‏أَفَأَمِنتُم أَن يَخسِفَ بِكُم جَانِبَ البَرِّ أَو يُرسِلَ عَلَيكُم حَاصِبًا
 ‏ثُمَّ لاَ تَجِدُوا لَكُم وَكِيلاً }
 
 وقال - جل وعلا -:
 
{ فَكُلاًّ ‏أَخَذنَا بِذَنبِهِ فَمِنهُم مَّن أَرسَلنَا عَلَيهِ حَاصِبًا
 وَمِنهُم مَّن ‏أَخَذَتهُ الصَّيحَةُ وَمِنهُم مَّن خَسَفنَا بِهِ الأَرضَ
 وَمِنهُم مَّن أَغرَقنَا ‏ وَمَا كَانَ اللهُ لِيَظلِمَهُم وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُم يَظلِمُونَ }
 
‏وَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -:
 
( لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى ‏تُقَاتِلُوا الْيَهُودَ، حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ
 وَرَاءَهُ الْيَهُودِيُّ: يَا مُسلِمُ ‏، هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائي فَاقتُلْهُ )
 
وإنَّ مِن جُنُودِ اللهِ الملائكةَ، ‏الذين شَارَكُوا في قِتالِ المشركينَ في مَوَاقِعَ كثيرةٍ،
 منها ما ‏جاء في قولِهِ - تعالى -:
 
{ وَلَقَد نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدرٍ وَأَنتُم ‏أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُم تَشكُرُونَ *
إِذ تَقُولُ لِلْمُؤمِنِينَ أَلَن ‏يَكفِيَكُم أَن يُمِدَّكُم رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ
مِّنَ المَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ * ‏بَلَى إِن تَصبرُواْ وَتَتَّقُوا وَيَأتُوكُم مِّن فَورِهِم
هَذَا يُمدِدْكُم ‏رَبُّكُم بِخَمسَةِ آلافٍ مِّنَ المَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ }
 
 ومنها ما نَزَلَ ‏في غزوةِ الخندقِ، إِذْ أَرسَلَ اللهُ - تعالى - مَلائكةً تُقاتِلُ
 في ‏صُفُوفِ أَهلِ الإيمانِ، قال - تعالى -:
 
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ‏آمَنُوا اذكُرُوا نِعمَةَ اللهِ عَلَيكُم
 إِذْ جَاءتكُم جُنُودٌ فَأَرسَلنَا ‏عَلَيهِم رِيحًا وَجُنُودًا لَّم تَرَوهَا
 وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعمَلُونَ بَصِيرًا }
 
 والمُرَادُ بِالجنُودِ التي لم يَرَوهَا الملائكةُ،
 وفي صحيحِ ‏البُخارِيِّ عن عائشةَ - رضي الله عنها - قالت:
 
لمَّا رَجَعَ ‏النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الخندَق
 وَوَضَعَ السِّلاحَ ‏وَاغتَسَلَ، أَتَاهُ جبريلُ - عليه السلام - فقال:
( أَوَضَعتُم ‏سِلاحَكُم؟ فَإِنَّنَا لم نَضَعْ سِلاحَنَا بَعدُ " فَقَالَ:
" إِلى أَينَ؟ " ‏فَأَشَارَ إِلى بني قُرَيظَةَ )
 
. ومِن جُنُودِ اللهِ مُسلِمُو الجِنِّ، الذين ‏يُسَخِّرُهُمُ اللهُ لإِخوانِهِم المؤمنين
مِنَ الإِنسِ إِذَا شَاءَ، وقد بَيَّنَ  - تعالى - في كِتابِهِ شَيئًا مِن ذلك، كما
 في قِصَّةِ سُلَيمَانَ - عليه السلام - حِينَمَا طَلَبَ إِحضَارَ عَرشِ مَلِكَةِ اليَمَنِ
‏‏(بِلقيسَ) مِنَ اليَمَنِ إلى بَيتِ المَقدِسِ:
 
{ قَالَ عِفريتٌ مِّنَ الجِنِّ ‏أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ
وَإِنِّي عَلَيهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ }
 
 ومِن جُنُودِ اللهِ ما أَرسَلَهُ ويُرسِلُهُ على أَعدائِهِ، مِن أَضعَفِ ‏مخلوقاتِهِ
وَأَحقَرِها، مِنَ الجرادِ والقملِ، والضفادعِ والبَعوضِ ‏، وَأصَغَرُ مِن ذلك
 ما يُسَمَّى بِالميكروباتِ والفَيروساتِ، قال - سبحانه - عن بني إِسرَائِيلَ
 
{ فَأَرسَلنَا عَلَيهِمُ الطُّوفَانَ ‏وَالجَرَادَ وَالقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ
 آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاستَكبَرُوا ‏وَكَانُوا قَومًا مُّجرِمِينَ }
 
وَمِن جُنُودِ اللهِ ما يُلقِيهِ في قُلُوبِ ‏الكافِرِينَ مِنَ الخَوفِ وَالرُّعبِ
مِنَ المؤمنينَ، حتى يَروهُم أَكثرَ ‏مِن عَدَدِهِم وَأَكبرِ مِن عُدَّتِهِم، فَيَفزَعُوا
مِنهم ويخافُوا، وما ‏يجعَلُهُ في المُقابِلِ في قُلُوبِ عِبادِهِ مِنَ السَّكِينةِ
والاطمئنانِ، ‏قال - تعالى-:
 
{ قَد كَانَ لَكُم آيَةٌ فِي فِئَتَينِ التَقَتَا فِئَةٌ ‏تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ
 وَأُخرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثلَيهِم رَأيَ العَينِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصرِهِ
 مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبرَةً لأُولي ‏الأَبصَارِ }
 
 وقال - سبحانه -:
 
 { إِذ يُوحي رَبُّكَ إِلَى ‏المَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُم فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا
سَأُلقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ ‏كَفَرُوا الرُّعبَ فَاضرِبُوا فَوقَ الأَعنَاقِ 
  وَاضرِبُوا مِنهُم كُلَّ بَنَانٍ }
 
وقال - تعالى-:
 
{ إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَد نَصَرَهُ اللهُ إِذ أَخرَجَهُ ‏الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانيَ اثنَينِ
إِذ هُمَا فِي الغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ ‏تَحزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا
 فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّم ‏تَرَوهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ
الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ ‏العُليَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }
 
وقال - تعالى-:
 
{ هُوَ الَّذِي ‏أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ المُؤمِنِينَ لِيَزدَادُوا إِيمَانًا
 مَّعَ إِيمَانِهِم ‏وَللهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا }
 
 ‏وقال - عليه السلام -:
 
( نُصِرتُ بِالرُّعبِ، وَأُوتِيتُ ‏جَوَامِعَ الكَلِمِ )
 
وإذا كانَ الأمرُ كذلك، فلماذا الإِحساسُ بِالضَّعفِ أَمَامَ هَؤَلاءِ الأَعدَاءِ؟ إَنَّهُ ـ
وَالعِلمُ عِندَ اللهِ ـ لأننا لم نَنصُرِ اللهَ، وإلا فإننا لا نجهلُ وَعدَهُ، وهو القَائِلُ:
 
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُم ‏وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم *
وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعسًا لَّهُم وَأَضَلَّ أَعمَالَهُم }
 
 والقائلُ:
 
{ وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ ‏مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ *
 الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُم فِي ‏الأَرضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ
 وَأَمَرُوا بِالمَعرُوفِ وَنَهَوا ‏عَنِ المُنكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ }‏
 
وَإِنَّهَ لمما لا يخفَى ‏على مُسلِمٍ، أَنَّ هذِهِ المَصَائِبَ وتِلكَ الكَوَارِثَ التي
تُصيبُ هؤلاء الكفرةَ بينَ حينٍ وآخرَ، ‏ما هي إلا نَتِيجَةُ الذُّنُوبِ وَأَثَرٌ من
آثارِ المعاصي، والتي مِن ‏أَعظمِها الشِّركُ بِهِ والإِلحادُ في آيَاتِهِ، وَإِيذَاءُ
أَولِيَائِهِ وَظُلمُ ‏عِبَادِهِ، وَالبَطَرُ والأَشَرُ وَالتَّكَبُّرُ،، قال - تعالى -:
 
{ فَكَأَيِّن مِن قَريَةٍ ‏أَهلَكنَاهَا وهِيَ ظَالمةٌ
 فَهِيَ خَاوِيَةٌ على عُرُوشِها وَبِئرٍ ‏مُعَطَّلَةٍ وَقَصرٍ مَشِيدٍ }
 
وقال - تعالى-:
 
{ وَتِلكَ القُرَى ‏أَهلَكنَاهُم لمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلنَا لِمَهلِكِهِم مَوعِداً }
 
وقال - تعالى-:
 
{ وَكَم أَهلَكنَا مِن قَريَةٍ بَطِرَت مَعِيشَتَهَا فَتِلكَ مَسَاكِنُهُم
‏لم تُسكَنْ مِن بَعدِهِم إلاَّ قَليلاً وَكُنَّا نحنُ الوَارِثينَ }
 
وقال - تعالى-:
 
{ وَكذَلِكَ أَخذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرى وهِيَ ظَالمةٌ ‏إِنَّ أَخذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ }
 
 وَقَد يَتَسَاءَلُ مُسلِمٌ وَيَقُولُ: وَإِذَا ‏كانت هذِهِ الآيَاتُ عَذَاباً لِلكَافِرِينَ، وَإِذَا كانَ
للهِ جُنُودٌ غَيرُ ‏المُسلِمِينَ، فَلِمَاذَا لا يُصِيبُ العَذَابُ بِتِلكَ الآيَاتِ وَالجُنُودِ
 ‏دَولَ الطُّغيَانِ وَمَن نَاصَرَهَا، ويُريحَ المسلمينَ مِن َأَذَاها ‏وظُلمِها؟ .
فيقالُ: لا شَكَّ أَنَّ المُسلِمَ حِينَ يَرَى دولَ الكفرِ وَأَعوانَهَا ‏يُذِيقُونَ المُسلِمِينَ
 شَتَّى أَنوَاعِ العَذَابِ، فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يخسِفَ ‏اللهُ بهم ويُزَلزِلَ الأَرضَ
مِن تحتِ أَقدَامِهِم، لكنَّهُ يَعلَمَ أَنَّ ‏الذي أَنزَلَ الكِتَابَ حُجَّةً إلى قِيَامِ السَّاعةِ،
وَشَرَعَ الجِهَادَ ‏وَجَعَلَ طائِفَةً مِنَ الأُمَّةِ عَلى الحَقِّ إلى قِيَامِ الساعةِ، أَرَادَ أَن
‏يُذِيقَ الكُفَّارَ العَذَابَ بِأَيدِي المُؤمِنِينَ، عَن طَرِيقِ الجِهَادِ الذي ‏فيه تمحِيصُ
للمُؤمِنِينَ ومحقٌ لِلكَافِرِينَ:
 
 { وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحدَى ‏الطَّائِفَتِينِ أَنَّهَا لَكُم وَتَوَدُّونَ
أَنَّ غَيرَ ذَاتِ الشَّوكَةِ تَكُونُ لَكُم وَيُرِيدُ اللهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ
وَيَقطَعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ * ‏لِيُحِقَّ الحَقَّ وَيُبطِلَ البَاطِلَ وَلَو كَرِهَ المُجرِمُونَ }
 
 وَإِنَّ تَارِيخَ ‏الأُمَّةِ لحافِلٌ بِأَيَّامِ اللهِ التي هَزَمَ المسلمون فيها الكافرينَ،
‏وَأَذاقَهُمُ اللهُ بهم العَذَابَ الأَلِيمَ، وَوَعدُ اللهِ لا يَتَبَدَّلُ وَلا يَتَغَيَّرُ ‏وَلا يُخلَفُ:
 
{ وَلَقَد سَبَقَت كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المُرسَلِينَ * إِنَّهُم ‏لَهُمُ المَنصُورُونَ *
وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغَالِبُونَ * فَتَوَلَّ عَنهُم حَتَّى ‏حِينٍ *
وَأَبصِرهُم فَسَوفَ يُبصِرُونَ * أَفَبِعَذَابِنَا يَستَعجِلُونَ *
‏فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِم فَسَاء صَبَاحُ المُنذَرِينَ }
 
عبد الله بن محمد البصري

المصدر: موقع المختار الإسلامي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق