السبت، 5 أغسطس 2017

حقيقة مرض القلب


قال ابن القيم – رحمه الله – في بيان حقيقة مرض القلب:

ومرضه هو نوع فساد يحصل له، يفسد به تصوره للحق وإرادته له

فلا يرى الحق حقًا، أو يراه على خلاف ما هو عليه، أو ينقص إدراكه له،

وتفسد به إرادته له، فيبغض الحق النافع، أو يحب الباطل الضار،

أو يجتمعان له وهو الغالب،

ولهذا يفسر المرض الذي يعرض له تارة بالشك والريب،

كما قال مجاهد وقتادة في قوله تعالى:

{ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ }

أي: شك،

وتارة بشهوة الزنا كما فسر به قوله تعالى :

{ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ }

فالأول: مرض الشبهة.

والثاني: مرض الشهوة.

ولما كان البدن المريض يؤذيه ما لا يؤذي الصحيح من يسير الحر والبرد

والحركة ونحو ذلك، فكذلك القلب إذا كان فيه مرض آذاه أدنى شيء

من الشبهة أو الشهوة، حيث لا يقوى على دفعهما إذا وردا عليه.

مفسدات القلوب خمسة: مفسدات القلوب خمسة:

كثرة الخلطة،

تمني الباطل والمعصية،

التعلق بغير الله،

الشبع،

النوم الزائد عن الحاجة.

ذكر ذلك ابن القيم

من أعظم مفسدات القلوب فامتلاء القلب من دخان أنفاس بني آدم حتى

يسوّد، ويوجب له تشتتًا وتفرقًا، وهمًا وغمًا، وضعفًا، وحملاً لما يعجز

عن حمله من مؤنة قرناء السوء، وإضاعة مصالحه، والاشتغال عنها بهم

وأمورهم، وتَقَسُّم فكره في أودية مطالبهم وإراداتهم فماذا يبقى منه لله

والدار الآخرة؟

وهذه الخلطة التي تكون على نوع مودة في الدنيا،

وقضاء وطر بعضهم من بعض، تنقلب إذا حقت الحقائق عداوة،

كما قال تعالى:

{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا *

يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا }

.ابن القيم المتميزة

من مفسدات القلب ركوب بحر التمني، وهو بحر لاساحل له،

وهو البحر الذي يركبه مفاليس العالم،

كما قيل: إن المنَى رأسُ أموالِ المفاليس،وبضاعة ركابه مواعيد

الشيطان،ولاتزال أمواج الأماني الكاذبة، والخيالات الباطلة، تتلاعب

براكبه كما تتلاعب الكلاب بالجيفة، وهي بضاعة كل نفس مهينة

خسيسة سفلية،

فمن متمني للحرام ومن متمني للمكروه،

وصاحب الهمة العالية أمانيه حائمة حول العلم والإيمان.

والعمل الذي يقربه إلى الله ويدنيه من جواره.

فأماني هذا إيمان ونور وحكمة.

وأماني أولئك خدع وغرور.
ابن القيم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق